شكراً أيّها البحر

أديب كمال الدين | شاعر من العراق مقيم في استراليا

www.adeebk.com

فتحَ لي البحرُ، ذاتَ حياة، محفظتَه السِّرّيّة

فرأيتُ السُّفنَ الغرقى،

والسُّفنَ الهلكى،

والسُّفنَ التي أكلَ الدّهرُ عليها وشرب،

والسُّفنَ التي لم يزلْ يتقاذفها الموج

وهي تحملُ عظامَ اللاجئين ودموعهم وصرخاتهم.

*

لم أكنْ سعيداً أبداً

برؤيةِ هذه المحفظة السِّرّيّة

فقد أبكتني طويلاً حتّى ورمتْ عيناي.

*

كفكفتُ دموعي وهمستُ لقلبي:

أنا لا أحبُّ أسرارَ البحر

وسُفنَه الغرقى والهلكى

والملآنة بعظامِ الموتى.

أنا أحبُّ مباهجَ البحرِ على السّاحل.

*

لكنّني اكتشفتُ أو كُشِفَ لي ذاتَ نهار

أنّ مباهج البحرِ على السّاحل

هي محض هراء؛

النّساء وأشكالهنّ العجيبة،

النّساء ورقصاتهنّ الغريبة،

النّساء وأكاذيبهنّ التي لا تنتهي عندَ ساحلِ البحر.

*

هكذا سقطت المباهجُ والأسرار

في ضربةِ حظٍّ واحدة.

هكذا أصبحَ البحرُ جميلاً

من دونِ أسرارٍ وسُفنٍ غرقى،

من دونِ نساء ورقصاتٍ وأكاذيب.

*

نعم

أصبحَ البحرُ وحيداً

أزرقَ كقلبي الوحيد.

*

كفكفتُ دموعَ حروفي وهمستُ لقلبي:

شكراً أيّها البحر

شكراً لأنّكَ تشبهني تماماً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى