حرب في الفضاء الافتراضي
يكتبها : مصطفى بوغازي
جبهات الحرب على حدود روسيا متعددة الوجوه والأهداف، ومفتوحة على جميع الاحتمالات، مع التصعبد المتواصل و انزلاق المفاجأة نحو ما لم يكن متوقعا وفي الحسبان.
في هذه الحرب التي اختارات فيها روسيا خيارها الأخير، والذي ترى فيه ،انه خيار لم يكن ليكون،لولا أن بلغ خناق روسيا من طرف الغرب مبلغا لم يعد محتملا، ووضعها على عتبة أن تكون أو لا تكون ، وباتت المسألة مسألة وجود أو لا وجود ، فقد قوبلت نيران الروس ،بكل أنواع المجابهة والحصار ، و كذلك كل ما يلوي ذراعها ويكسر ارادتها، ويثنيها عن الذود على امنها القومي، وابعاد المخاطر التي ظلت تزحف نحو حدودها من سنوات،فمن الحرب على أرض المعركة إلى الحرب الاعلامية والاقتصادية وكل الوسائل التي انتهجها الغرب ويراها مشروعة، ولم يتوان حتى في تفعيل فضاءات التواصل الاجتماعي والافتراضي ، وتجييشها لتصب في إطار نظرته للحرب، وتدعم جهوده ضد الروس ،،ففايس بوك وتويتر عادا إلى حقيقتهما ، بعيدا عن شعاراتهما الرنانة ببعدها الانساني والحضاري، هذا الفضاء الذي يتغنى بنبذ العنف وخطاب الكراهية، يجيز كل أشكال العنف والتجريح والدعاية المدمرة ضد الروس بسنه قانونا استثنائيا، على مدار عمر الحرب التي تشتعل هنالك، وليس غريبا على هذا الفضاء أنه تعامل مع قضايانا العربية بمثل هذه الازدواجية في المعايير، فهو يسلط عقاب الحظر على كل من تداول صور سجن ابو غريب ،التي كشفت حيوانية الامريكيين،كما يحظر كل ما تعلق بجرائم اسرائيل حفاظا على مشاعر الغرب الرقيقة ، وتلميعا لقيم مغشوشة للتسويق ،ولا يتواني في الابقاء على مشاهد الرعب ،المعدة في مختبرات الدعاية لمخابراتهم، للتدليل على عنف الآخرين والتنديد بارهاب هو الHكثر صنعا له .
لا توجد في الحقيقة فضاءات تحلق فيها الملائكة، ولا توجد فضاءات تقدس قيم الإنسانية وتدافع عنها في شتى بقاع المعمورة ،دون خلفية للعرق أو الجنس أو المذهب أو المعتقد، وانما توجد مصالح الاقوى ترعاها كل هذه الأدوات.