إلى مدافن الكلاب
د. خضر محجز | فلسطين
لدينا، يفسد الناسُ، فيُنتِجون حكماً فاسداً، يقوم بإرهابهم فيخنعون؛ فيشجعونه على الطغيان بخنوعهم، ويشجعهم على الفساد، ليمنع حركة التحول الاجتماعي؛ فيشجعونه على الطغيان خوف ما يعلمه من فسادهم.. إلى آخر هذه المتوالية التصاعدية، التي يُنتج فيها المفعولُ به فاعِلَهُ، وينتج الفاعلُ المفعولَ به.
أي أن الأمة الآيلة للسقوط، تُنتج حاكمها، فينتجها حاكمُها، فيستقوى الطغيانُ أكثر، ويُنتج في الأمّة خنوعاً أشد، فتنتج فيه طغيانا أقوى…
هذا هو ديالكتيك الطريق إلى النهاية، نهاية شعوب آيلة للسقوط، تحمل في داخلها بذرته وآلية إنتاجه.
ديالكتيكٌ متصاعدٌ من التحوّل الذي لا يُرجى منه شفاء، بغير الثورة الدموية، التي ينتجها جيلٌ وصل إلى قاع البئر فقرر أن يحاول.
وبما أن منتجي الطغيان صاروا مع الزمن أكثر جبناً، فإنهم يشجبون كل دعوة إلى التحرر ويتهمونها بالإرهاب. حتى يصير ما كان في الماضي أُمَّةً ديداناً في طريقها إلى الانقراض.
هكذا تزول الأمم من الوجود.
لو لم يكن حجم التضحيات في الثورة الفرنسية هائلاً، لما وُجدت فرنسا التي نعرفها الآن.
المفكرون الأحرار في مثل هذا الواقع، هم أشد الكائنات خطراً، لا على الحاكم فحسب، بل على الأمم الآيلة للسقوط، ذلك أنهم يسرعون عملية التحول الاجتماعي، فيرتعد الجبناء الذين هم أفراد الشعب، ويرون أنفسهم ذاهبين إلى مدافن الكلاب.