أحزان
د. سامي الكيلاني
(1) إخلاء سبيل
أنا الحزن، يا فتى، أسامحك،
أنا الحزن أخلي لك السبيل،
ما دهاك تضمني هكذا
حبيباً لحبيب؟
هيا افرد جناحيك واحضن تباشير الفرح،
أنا لست بالأناني مثلكم
أيها البشر،
شبعت منك،
شبعت مني،
ففارق صحبتي فراق الرضا،
والعب في ملاعب الريح والشمس والمياه،
واستحم تحت أنوار القمر،
مياه النهر تناديك،
اسمع النداء،
تغازلك خريراً ناعماً كناي المراعي،
انعكاس الشمس على صفحة المياه يغازلك،
وخفقة الجناح من طائر الصباح تنتظرك،
تمسح على جرحك الراعف مسحة الشفاء،
وتعزف الريح على سمعك لحن المنى.
فما دهاك لا تبرح دياري؟
ما الداء فيك وما دواك؟
أنا الحزن يا فتى… مللت رؤيتك،
مللت رفقتك.
(2) حوار
المعلم: حزين يا بني؟
لماذا غلالة الحزن هذه؟
التلميذ: رياح اللايقين هبّت من جهات الحلم يا سيدي،
هبّت من منابت السكون والأمان
حوّمت، دوّمت، كبّلتني،
زوبعت يا سيدي،
هاجمت حديقة الأمس الأثيرة،
طيّرت من حديقتي زهرتي المفضّلة،
هاجمت حديقة الوعود،
أرعبت برعماً مسترخياً في انتظار الربيع.
المعلم: ومتى كان الزمان صافياً ناصع اليقين؟
وهذا اليوم ما به يا ولد؟
التلميذ: جيدٌ يا سيدي
صانته ثلة من طفولة تطوف في المكان،
تبسمت لي،
بانت من الثغور أمواج يقين،
أعترف،
يوم جيد هذا،
ولكن يا سيدي، من يضمن الدوام؟