قبل الوليمة

بسام المسعودي- كاتب وشاعر يمني

قبل وليمة قصيدة النثر و(المعوز) اليمني
كنتُ عزاءً،عزاء قصص الحب
في قلبي
كانت القصص سلسلة طويلة،بين أحداثها
كان نبضي وشعري يبدوان كفضيلة
كانت المشاعر،الأحاسيس، الوعود
جميعها ما تزال غامضة
وكانت النهاية أن كتبت نثراً
ولبست (معوزاً) يمنياً
يناسب وليمة القصيدة
وينفع ككفن لكل قصص الحب الطويلة.

القلب كان إناءً،
كان دلواً
له سطوة البئر،شكلاً من الطين،
كان قلبي حجراً أسوداً
وداراً قديمة
كان حفرة
وطست في حجرة عجوز
تجمع داخله نحيب وجهها
كان قلبي قصيدة ذات ليلة ماطرة
كنتُ أخفيه عن حجاج المواسم
كان قلبي أسوداً
ومخبئاً لأحزاني الدفينة.

الرعاة الذين كنتُ أعرفهم
كانوا إخوة
دفنوا لغة الحقول
ثم صعدوا الجبل
كانت الأغنام ترى الذئاب بنصف عين
وترى مصابيح القرية
حين تنطفئ
كان الرعاة بلا شعور
ينامون في الجبل من دون خوف
كنتُ اسمع عزف الناي يأتي من قمة الجبل
يشعلون النار
كل ليلة
يُحاولون التقليل من المسافة
بين قمة الجبل
وبين السماء
يحاكون الملائكة
ويعلقون حبالاً في السماء
ثم يعودون للقرية كل مرة
حاملين جثّة أحدهُم.

في القرية التي من دون اسم
ولا تعرف الحزن
كانت جارتي تكتب النثر
وكنتُ أسرق من صدرها
مفاتيح الفتنة
كانت فتنة
تلبس عباءتها المطرزة
تعلق حول عنقها مفاتيح بيتها
وتنشر على حبل غسيلها
ملابس نومها كل صباح
كانت ترهق الشّمس كل يوم
وأنا أيضاً كنتُ أرهق نفسي بانتظارها
أمام حانوت جدي
كانت تشتري كل يوم قلماً وورقة
وتعود تكتب نثر قلبها
وتدع لي حق قراءتها حين تُشرق الشّمس.

كانت الريح بدعة
ثم نفاها الفلاحين عن حقولهم
حتّى جاءت من جهة القبلة
لهباً صفراء
فحاول الجميع أن يطفئها
البعض أخرج بدعة الريح من مخبأها
والبعض الآخر مارس غواية الحرائق
أخذ ينادي للرعاة بالعودة من الجبل
وأن يحملوا معهم دلاء أرواحهم
المليئة بالكيروسين
كي يدلقوه فوق قصائد النثر التي كتبناها
ذات حب أنا وجارتي الفاتنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى