الشبح الذي يمطر في الباص
فتحي مهذب | تونس
أنا لم أعد مرئيا
لم أعد إبنا بارا لقانون الجاذبية.
ولا صديقا جيدا لرواد الحانة.
ولا منادى عليه في الحدائق المدهشة.
لم أعد شيئا من الأشياء في الملكوت.
كلما أراك تضحكين في الباص
أو تسحبين مترين من النعاس الخالص من حديقة رأسك.
أناديك مثل غيمة تحتضر على حافة كتفيك.
وحين لا تسمعين إيقاع المطر في كلماتي.
أبكي طويلا.
أحدق في تفاصيل وجهك
أقول : قد تسمعني عيناك المجنحتان.
قد تبصرني مخيلتك المليئة بعيون الفلاسفة.
قد يصرخ قلبك بيقين غاليلي
ها هو في اللامكان.
تهبطين من الباص
مثل صلاة من شباك كنيسة.
أتبعك
يمطرني كعب حذائك بالموسيقى.
تجذبني عطورك الباريسية.
قبعتك المطرزة بالفضة والدموع.
ظلك الذي يدخل في نقصان فادح.
العربات تمر محملة برائحة الأرض.
رائحة الأسلاف النائمين في كتاب العناصر.
الدراجون يعبرون جسر النوستالجيا.
أمي تطل من الشرفة الضيقة
تنادي باسمي الذي إختفى من العالم على حين غرة.
تمر الذئاب التي ربيتها شتاء السنة الفائتة في مرتفعات نصوصي.
أحاذيك أطلق طوفانا من الكلمات
وحين لا تبالين بزجاج صوتي المتكسر .
أبكي طويلا
على قارعة اللاشيء.
وعندما تصلين إلى بيتك الذي حججت إليه مرارا.
تدخلين بعذوبة فراشات الحقول.
حينئذ أدرك تماما أني ميت منذ شهر ونيف.
صدمني قطار محمل بالأسرى
في مكان خطير للغاية.
ولكن لم أزل أتعقبك مثل صحن طائر.