أدب

في رثاء عمر مناع.. صانع الخبز العنيد

د. ايهاب بسيسو

توقف الزمن على مسرح جامعة دار الكلمة، القاعة مزدحمة بالأنفاس المتقدة حزناً وغضباً وحياة فيما صوت عمر مناع ينساب من شاشة العرض السينمائي، كما لو أنه يتهيأ للخروج من البرزخ الغامض بين حقيقة الحضور وهشاشة الغياب.
دقائق مرت، سجلت فيها الكاميرا حضور الشاب الأنيق وهو يعانق أزقة المخيم، يعدل مسار سرد مسرحي ضمن شغف مبكر بالمسرح، ويواظب على تمارين الملاكمة في المتاح من الوقت، قبل أن ينهض مبكراً في الصباح، يعد الخبز لأبناء المكان، الصاعدين من وجع المأساة نحو أعمال يومية يحاصرها السياج والأسلاك الشائكة …
عمر مناع، في تأبين خاص أعده رفاقه وأصدقائه وزملاؤه المقربون من وحي حياته الثرية بالمعنى، ليكون تلويحة منهم للصديق الذي ما زال يواظب على الابتسام …
لم يخذل عمر مناع أحداً في ظهيرة يوم الخميس الأول من شباط ٢.٢٣ على مسرح جامعة دار الكلمة، بل استمر ليكون الحضور البهي في كل مفردات الحدث …
تقول الأسطورة أن العنقاء تتجدد من الرماد، وتمتد قامة أبو يزن والد عمر وهو يصافح الوجوه متحدثاً عن الشهداء: إنهم يشتركون جميعاً في خصال مميزة أبرزها العطاء اللا محدود …
هؤلاء الفتية الذين خرجوا من خزان الوهم المهترئ ليكونوا مشاعل وعناوين، لا تقبل الحياد أمام حقيقة الحرية …
ملصقات وصور وفيديوهات وأعمال فنية عدة بعضها بتوقيعاتهم الأنيقة وأخرى من وحي حياتهم الممتدة في ذاكرة أصدقائهم الأوفياء …
اليوم على مسرح جامعة دار الكلمة، كان تأبين صانع الخبز العنيد عمر مناع وكوكبة من فتية آمنوا بالحقيقة حتى النخاع.
بين أمهات حضرن وآباء من كبرياء ووجوه طلاب وطالبات وأساتذة كان المكان أكثر من حالة حياة تواصل صنع الحياة، حين اجتمع الكل في مشهد تناغمت فيه الرؤية الوطنية والفنية على حد سواء وأصبحت نشيداً فوق الملصقات، تلخصه كلمات الراحل معين بسيسو من الأبدية وهو يلوح بقصيدة “الأم” لجيل الغد الوفي للذاكرة والأرض:
“لك الجماهير أبناء بلا عدد
فلست وحدك يا أما بلا ولد”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى