أدب

إشكالية نشأة المسرح العربي

سفيان مغوز | كاتب من المغرب
دار نقاش كبير حول نشأة المسرح العربي، أي هل كان للعرب معرفة بهذا الفن أم لا ؟ .وهذا الاختلاف لم يقع على جنس المسرح فقط، وإنما على مجموعة من الأجناس الأدبية الأخرى مثل:( القصة، القصة القصيرة، المقالة، الرواية…)، إلا الشعر، فإنهم لم يختلفوا فيه؛ لأنه جنس أدبي قديم مارسه العرب قبل الإسلام وهو ديوانهم .
فمن النقاد من يرى أن العرب كان لها علم بالفن المسرحي .وفي رأي الناقد “علي الراعي”؛ أن العرب كان لها علم ببعض أشكال المسرح فقط، حيث يذكر مسرحية « خيال الظل »، والتي ترجع إلى العصر العباسي وهي مسرحية معترف بها، ثم يستعرض عددا من الفنون الشعبية مثل:« صندوق الدنيا » و « الدمى »؛ أو ما كان يسمى ب ” مسرح العرائس ” .
ويرى “محمد مندور”؛ أن مثل هذه الفنون الشعبية لم تخلق فنا ولا أدبا، لكنها مهدت العقول لاستقبال فن التمثيل، والخوض في هذا الفن .ومن النقاد كذلك من يرى بأن العرب لم تكن تعلم بفن المسرح ولم يصل إليها، وذلك بسبب الصراعات الداخلية أو ما يسمى بالحروب الأهلية، وعدم استقرار العرب في مكان واحد، مما جعلهم لا يكتبون في هذا الفن .لذلك فالمسرح هو وليد العصر الحديث بسبب عامل المثاقفة، والترجمة، وغيرهما…

يمكن القول: إن المسرح العربي مر بمرحلتين اثنتين وهما:
• مرحلة الإرهاص والتكوين:
ظهر المسرح العربي سنة 1847 فنّا مستقلا بذاته على يد “مارون النقاش”، فهو أوّل من أرّخ لبداية المسرح العربي، وأوّل عملٍ مسرحي له بعنوان « البخيل »، حيث قام بعرض هذه المسرحية في بيته، وبعدما اطّلع على المسرح الغربي ألّف على منواله، ومن هذه الأعمال نجد « عصر هارون النقاش »، وكذلك، « الحسود السليط »، وكل أعماله كان يعرضها في منزله إلى أن بنى مسرحا بسيطا أمام بيته، فصار يعرض أعماله المسرحية فيه .
فقد ظهر المسرح في سوريا على يد ” أحمد خليل القباني »، وهو رائد المسرح الغنائي، لأنه أول من أدخل الغناء إلى المسرح، حتى أصبحت الأغنية جزءا منه .
مثلما ظهر في مصر على يد « يعقوب صنوع »، ومن أهم ما جاء به من تطوير؛ إدخال العنصر النسوي في التمثيل، بدلا من قيام الرجل بالدورين، كتب مسرحية « البنت العصرية..» .
ثم بدأ المسرح العربي في التجديد والتطوير، ويظهر ذلك مع ” اسماعيل عاصم “، في مسرحية « صديق الإخاء »، وكذا مع ” فرح أنطون “، في مسرحياته، و ” محمود تيمور “؛ الذي أدخل اللغة العامّية للمسرحية .

• مرحلة النضج والميلاد:
في القرن العشرين أصبح المسرح فنّا يقوم على الإبداع، وسلك اتجاهين هما:
1) المسرح الشّعري: يعدّ ” أحمد شوقي “؛ رائدَ هذا الاتجاه إلى جانب ” الشرقاوي “، وغيرهما، فشوقي؛ استقى مادته من القصص التاريخية: « عنترة »، « مجنونة ليلى »، وجعلها معالجة للنص المسرحي، وبما أنه درس في فرنسا اطلع على الأدب الفرنسي وبالخصوص المسرحي، وتأثر به وألف على منواله، لكن المسرح الشّعري بلغ نُضجَه مع صلاح عبد الصبور، في مسرحيته « مأساة الحلاج » .
2) المسرح النّثري: بدأه في البداية ” محمود تيمور “، وتطور وبلغ القمّة على يد ” توفيق الحكيم “، فتوفيق الحكيم؛ استلهم موضوعاته من تاريخ مصر وعصورها، حيث وصفه النّقاد بميول فِرعونية .ثم ذهب إلى الغرب وتعلم المسرح الغربي وحاكاهم في كتاباته المسرحية .
كما تَمّ تطوير العديد من الأشكال المسرح القديم مثل: الحكواتي؛ وهو شخص يسرد الروايات بأسلوب قصصي على الناس . والكراكوز؛ يشبه البهلوان .كما كانت هناك جملة من الأشكال غرضها اللّهو، والتّرف، والهزْل، مثل: السّيف والمصارعة .

نلاحظ أن المسرح العربي منذ نشأته إلى اليوم، طغى عليه التيار الواقعي، والتيار التاريخي، حيث استلهم منهما الكُتّاب موضوعاتهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى