كَعْكةُ مقْهى الرِّباط
محمد خلاد السكتاوي
الصورة: في مدينة الرباط
على من سَأُلْقِي التحية
هذا الصباح الشاحب
مقهى الكَعْكَة التي أحِبُّها مُغْلق
وبجانبه رَكَنَتْ بعض السيارات
تحت الأزهار الأورجوانية لشجر الجَكَرَنْدَة
وصديقي الكاتِب الذي أجالسه
في عطلة نهاية الأسبوع
امرأة تعوَّدتْ أن تَنْزَوي
وحيدةً جنْبَ النافذة
كلما كنتُ أدخل المقهى
أُومِئُ لها خُفْية برأسي أُحيِّيها
فهي لا تعرفني
ودِدتُ أن أقطف لها هذا اليوم
باقة غمام من حديقة زرقاء
ملفوفة في ضوء الشمس
لكن منذ مدة طويلة
ظَلَّ مقعدها فارغا
شوارعُ المدينة فارغة
تعْبَثُ بعَجَاجِها ريحٌ خفيفة
هكذا الرباط أيَّامَ الآحَاد
فائضٌ مِن الوقت المُتشنِّج
ولحظاتٌ تتثاءب كدقَّات بطيئة
لساعة جدارية غير مضبوطة
الناسُ تحت الشراشف الدافئة
يضاجِعُون لذةَ النوم
وآخرون يجدِّدُون ترتيبَ بيوتهم
يُغيِّرُون أماكن المشاجب والصور والمرايا
ويوقظون جيرانَهم قسْرا
بضرْب المسامير على الجدران المشتركة
عوالمٌ تشْتبِك بعوالم
وحَيَواتٌ تختفي بعد فرَحٍ عابِر
وأماكن تفقد أصحابها
كما مقعد المرأة التي غابتْ عنِ المقهى
وينسى الجميع أنّ ثَمَّة حياةً أخرى
أعشاب برية ترتشف الندى
بحر أزرق يضع قُبْلَتَه على أقدام المدينة
وأسراب نوارس ثَمِلَة بالعشق
تلامس برَفِيف أجْنحتِها الأفق