الأم
الأسير الفلسطيني سامر عربيد
سجن نفحة الصحراوي
صليب على صدرك منذ صغري، لم يكن إلا رمزا من رموز الفداء والتضحية.
هكذا عرفت “صلبوك مثل المسيح في المسكوبية، هكذا قلتِ لي في كبري فلا تخافي يا أمي، المسيح رمزُ لذاك الطائر الفنيق الذي ينبعث من رماده من جديد.
والشهيدُ، رمز لتلك السنبلة الفلسطينية، التي تُنبتُ من حبوبها من جديد
فمسيحُ أو شهيد، شهيد أو مسيح، فالإثنان مقاومة للظلم والطغيان
هلال يعلو الصليب، أوصليب يعلو الهلال، أو يتعاليان في عناق أبدي لا خلاف هذا أو ذاك، أو الإثنان معاً، كُلها رموزُ للأمّ الكبرى في القدم.
وآخر أمّ كبرى في الديانات البشرية والسماوية هي مريم أمّ المسيح
أزاحها العبرانيون من توراتهم، فأبرزها الإنجيل، وأنصفها القرآن
سيدة، شافية، بتول، عذراء، أنت في المسيحية والإسلام.
أما قبل الميلاد، فأنت الأرض، نلتصق بها في حياتنا، ونعود إليها في مماتنا.
وأنت القمر، هذه الأرض السماوية الأكثر شفافية ونقاءً وجمالاً
دعاك البابليون، بعشتار الخضراء، والمصريون “إزيس” الخبز وأم القمح
ودعاك اليونانيون، إفروديت السنابل، والرومانيون “فينوس” الشعلة أيضاً
أما نحن الفلسطينيين، فندعوك اليوم “أمّ البدايات والنهيات”
في صفوفك الأولى، تعلمنا حبّ الوطن والحرية، وعشق فلسطين
لنحمل العلم، والحجر، والقنبلة، والبندقية، ولنصبح فدائيين.
أنت يا أمي ذاكرة لا تنطفئ، نابضة، باقية، راسخة، ثابتة إلى الأبد
وهذا الغاشم غبي، كسر ضلوعي، ثقب رئتي، عطل كليتي، وفي عقلي كنت حارستي وفي قلبي نور إمرأة عشقتها يا أمي، نور مثلك كالجبال شامخات
فسلام عليك يا أمي .. . ووداعا حتى نلتقي في النهايات.