أهلا بالوافد العزيز

صبري الموجي| رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

 أيامٌ قليلة ويهل علينا وافدٌ عزيز، ما إن ينزل علينا ضيفا كريما، حتى يأذنَ بالرحيل، بعدما أتاح لنا خلال زيارته الكريمة والسريعة أيضا اغتراف الحسنات والفوزَ برضا رب الأرض والسماوات.. إنه شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهرُ القرآن والصيام، شهرُ التقوى والصبر، إنه شهر رمضان المبارك.. نسأل الله أن يُهله علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام.

والتاجرُ النابه هو من ربح خلال هذا الشهر الكريم، لا أقول مالا، بل ربح حسنات يرتقى بها فى جنات النعيم، التي يحظي فيها بشرفِ صُحبة النبيين والصديقين والشهداء وحسُن أولئك رفيقا، وفضلا عن هذا كله ينالُ شرفا لا شرف بعده، وهو رؤية ربنا عز وجل القائل ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلة، أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)، فالزيادةُ فى الآية الكريمة كما عرَّفها المُفسرون هى رؤية الله عز وجل فى الجنة.

 أقولُ ولكى يربحَ المسلمُ فى هذا الشهر تلك الحسنات لابد له من دروسٍ يتعلمها ليس نظريا فحسب، فليست هذه هى الغايةُ المنشودة والأمنيةُ المرومة، لأنه إن وقف عند هذا وفقط، أقصد الدراسة النظرية، ولم يترجمها عملا، تكون معرفتُه وبالا عليه، وسببا فى هلاكه وليس فى فوزه ونجاته، كما أخبر ربُنا ( كبُر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون)، ولكنّ المقصود هو الدراسة التطبيقية؛ بأن يعمل الإنسان بما علِم، مُتمثلا فيما يعمل أسوته ومُصطفاه محمدًا صلى الله عليه وسلم الذى كان قرآنا يمشى على الأرض، فقد كان صلى الله عليه وسلم دائم الصلة بربه، دائم الشكر لله، تمثل ذلك فى طاعته وعبادته، فى تأدية الفرائض والحرص على النوافل، فى صلته للأرحام، فى تحمُله الكثير من إيذاء قومه آثناء دعوته لهم، فى رحمته بهم رغم شدة إيذائهم له، تلك الرحمةُ التى تجلت أبرز ما تكون فى جوابه على ملك الموت حينما سأله إثر عودته حزينا إلى قرن الثعالب بعد أن أصمّ قومُه آذانهم عن سماع دعوته: لوشئتَ لأطبقتُ عليهم الأخشبين أى الجبلين؟ فأجاب من وصفه الله بالرحمة في قوله سبحانه: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) على ملك الموت: كلا، ثم وضح السبب : عسى أن يخرج من أصلابهم من يُوحدُ الله !

 فأى رحمة تلك، وأى صبر ذلك؟  إنه صبر المصطفى، خاتمِ الرسل وأشرفِ الخلق أجمعين، الذى شكر ربه فأجزل الشكر، إذ كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه، فلما سألته عائشة زوجه وابنة رفيقه وحبيبه أبى بكر: أتفعل ذلك يارسول الله وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر؟ فتأتى إجابةُ من لاينطقُ عن الهوى، المُعترفِ بالفضل، الممتنِ للجميل : أفلا أكونُ عبدا شكورا؟ صلوات ربى وسلامه عليك يارسول الله.

أعود فأقول: الرابحُ حقا، والمُغتنمُ صدقا، هو من تعلم الدروس المستفادة من هذا الشهر المبارك، والتى تتنوع بين إيمانية وأخلاقية  واجتماعية، سنتحدث عنها سويا بنوع من الإيجاز خلال شهر رمضان الكريم فنسأل الله العون والقبول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى