نقاط مهمة في حادث اغتيال شينزو آبي

تحليل يكتبه: محمود سعد دياب| القاهرة

في رأيي أن اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي، سيحدث تغيرا جذريا في الداخل الياباني بما يؤثر على وضعه الخارجي.. شينزو آبي كان قائد تيار اليمين المتطرف الذي يؤمن ويطالب بضرورة عودة روح الساموراي الياباني مرة أخرى وامتلاك القوة العسكرية الكافية لإحداث تأثير في محيطها الإقليمي والدولي ، بالشكل الذي كانت عليه كإمبراطورية عظمى غزت دول الجوار وارتكبت جرائم حرب في الصين والكوريتين وفيتنام ولاوس ودول شبه الجزيرة الهندية الصينية، وظهرت توجهات شينزو آبي عندما كان رئيسا للوزراء بحرصه على زيارة ضريح ياساكوني الذي يضم رفات من قتلوا في الحروب الإمبراطورية ، وهم مجرمو الحرب ممن ارتكبوا مذابح مثل مذبحة نانجينغ في الصين وغيرها ، وكانت تلك الزيارة السنوية تثير جدلا وسخط دول الجوار خصوصا الصين وكوريا الجنوبية وجارتها الشمالية، وتسببت في صدع كبير في علاقة التحالف بين اليابان وكوريا الجنوبية.

جد شينزو آبي هو نوبو سوكي كيشي الحاكم العسكري في إقليم منشوريا الصيني وقت احتلاله من اليابانيين ، واتهم بارتكاب مذابح ضد الصينيين العزل، فضلا عن فظائع حربه مع جيش الكومينانغ أو الحكومة المؤقتة في الصين بقيادة تشانغ كاي شيك، وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية تم حبسه في سجون الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث سنوات ، لكن بسبب ذكاءه وقدرته الفائقة على إدارة الحكم وتأثيره في الداخل الياباني تم الإفراج عنه وتعيينه رئيسا للوزراء ثلاث دورات متتالية، لأنهم رأوا فيه أنه أقدر الناس على مساعدة الأمريكان في احكام السيطرة على اليابان المهزومة واتمام الإبقاء عليها داخل القمقم كي لا تبعث روح الساموراي من جديد لكي تطيح احتلالا وغزوا في دول الجوار والعالم.

شينزو آبي أكد أكثر من مرة على ضرورة تغيير المادة التاسعة من الدستور الياباني، والتي تنص على ألا تمتلك طوكيو جيش قوي وأن يكون جيش دفاعي بميزانية محدودة، بل والأدهى أنه دعا لامتلاك بلاده سلاح نووي، ومع التغيرات الحادثة في النظام العالمي فإن الطريق ممهدا لتحقيق هذا الهدف بعدما تحولت إدارة العالم إلى تعددية الأقطاب ، وفي الوقت نفسه ألمانيا تزيد من ميزانيتها السنوية العسكرية كما زادت ميزانية اليابان بشكل مضطرد كل عام.

كان شينزو آبي شخصية مؤثرة جدا في السياسة الخارجية والداخلية في اليابان، وشعبية التيار اليميني الذي يقوده لها الأغلبية الكاسحة لدرجة أن رئيس الوزراء الحالي فومو كيشيدا لم يكن لينجح لولا أن شينزو آبي أبوه الروحي وأكبر داعميه، وبعد اغتياله ستتصاعد قوة ذلك التيار وينتشر أكثر ليصبح المزاج العام في اليابان وامبراطوره.

الصين وروسيا وامريكا أبرز المتهمين في قضية اغتيال شينزو آبي لأنه كان يريد أن تعود اليابان إلى سابق عهدها قوة إمبراطورية مهيمنة على دول الجوار تمارس البلطجة والاحتلال ، لكن في رأيي أنها عملية مدبرة بليل من داخل التيار اليميني نفسه أو من داخل قوى في الجيش الامبراطوري بهدف أن تكسب الواقعة التيار زخما جديدا وتعاطفا يجعله أقوى بشكل يحقق أهدافه المعلنة، خصوصا وأن المتهم بقتله ويدعى تيتسويا ياماغامي كان جنديا في القوات البحرية الإمبراطورية.
بالنسبة لمصر كان شينزو آبي صديق كبير للقاهرة خلال فترة حكومته من ٢٠١٢ : ٢٠٢٠ ونتيجة التعاون المثمر مع مصر تم إطلاق اسمه على أحد المحاور الرئيسية الجديدة.

ويبقى السؤال.. هل تتصاعد قوة التيار اليميني أو الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي كان يتزعمه شينزو آبي ؟ خصوصا وأنه كان يخطب في تجمع انتخابي استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة أم هل تضعف قوته برحيل رئيس الوزراء الأسبق ؟ وما شكل الحكومة اليابانية المقبلة بعد الانتخابات؟ والأهم هل تخرج روح الساموراي المحارب من القمقم من جديد ؟ ما الذي تحمله لنا الأيام القادمة لننتظر ونرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى