هل قرأت كتابك في الدنيا أم تكتفي بكتابك في الآخرة؟ الإجابة ستكون بالطبع لا

أ.د. أحمد علي دنقل| أستاذ الوراثة الجزيئية
جامعتي سوهاج والقصيم

    كل إنسان يملك كتابا مكونا من خمسمائة مليون صفحة؛ ففي جسم الإنسان”شريط كيميائي يسمى DNA أوالحمض النووي منقوص الأكسجين لو قرأت مكوناته الكيميائية التي تحتوي على ٤حروف (ا. س. ث. ج)،وهي اختصار للقواعد النيتروجينية: ادنين – سيتوسين – ثايمين-جوانين.

ويطلق عليها حروف الحياة.لكي تقرأ الكتاب كاملاً محتاج تتصفح مجلد مكون من خمسمائة مليون صفحة.

وهذه الحروف الأربع في تتابع وتسلسل مستمر وتباديل وتوافيق وتشكل كل ٣ حروف كلمة سر أو شفرة حمض أميني المكون الرئيسي للبروتين (عدد الأحماض التمينية ٢٠).

وهذا الكتاب يحمل الخطة البنائية الكاملة للجسم على شكل أوامر مفصلة تشمل تركيب كل خلية والتحكم في أدائها الوظيفي التي تحكمها البروتينات.

والبروتينات هي المكون الأساسي للانزيمات, هرمونات, اجسام مضادة, سموم, بروتينات تركيبة….الخ) وكل أمر من هذه الأوامر يتحكم فيه جزء محدد من شريط الDNA يسمى “جين” .

والمدهش كيف تم حساب عدد الصفحات في هذا الكتاب: كل كيلو جرام في الإنسان البالغ يحتوي على تريليون خلية اي لو كان وزن الجسم 70 كيلو معناه انه يأوى 70 تريليون خلية وكل خلية بها شريط الDNA طوله 2 متر ملتف بشكل معقد ودقيق في شكل كروموسومات مضغوطة في نواة الخلية (في حجم 2-3 ميكرون 2/1000 من المليمتر) لو تلاحم كل الاشرطة هذه (بضرب 2 متر في 70 تريليون = 140 تريليون وبالقسمة على 1000 لكل كيلو متر ) ليصل طوله الى 140 مليار كيلو متر اي طول الDNA يصل الى الشمس ويعود مرة اخرى الى الارض
ولكن هل الشريط الوراثي مجرد شريط كيميائي يحمل كم من المعلومات أم هو أكثر من ذلك (مثلا كمبيوتر فائق السرعة) ؟
في الحقيقة ان جزيئات ال DNA التي تشكل آلية القيادة والأوامر في صورة جينات خلقت بحيث تستطيع استنساخ نفسها فهي بذلك مرآة إلهية.. وإذا كان جهاز الكومبيوتر عند لمس زر أو ايكونة يقوم بعرض المعلومات المخزنة في ذاكرته.

    تماما هذا الشريط يحمل معلومات مشفرة بأربعة الحروف كما ذكرنا وهي ا, ج, س, ث وتحتوي كل خلية على 3 مليار حرف من هذه الحروف الاربعة اي اجمالي الحروف في جسم الإنسان تساوي21 جيشليون (ضرب 3 مليار حرف في 70 تريليون خلية = 21 في 10 اس 22) ولو كتبنا تلك الحروف وجدناه تحتاج الى 500 مليون صفحة.

   ولو فرضنا أن هذه المعلومات تخص الإنسان فإنه بهذه الحروف الأربعة وبعملية توافيق وتباديل معجزة يُكتب لون البشرة, ولون العيون والشعر وصفاته وعدد شعراته, والحواجب, وفتحات الفم,والأسنان وتركيبها وترتيبها, والشفتين والأذنين وخصائص كل منها وكيف تعمل, وشكل الوجه,وعدد العظام به, والحلق وما به من خلايا وتراكيب, واللسان وطوله وشكله وخصائصه الوراثية والتشريحية والوظائفية,واللوزتين وعملهما والحلق, والغدد اللعابية,والبلعوم والمريء والمعدة, والرأس والمخ والخلايا العصبية.

    وكل المعلومات التي تعرفها عن جسم الإنسان والتي تدرس بالتفصيل في كليات الطب والعلوم ومراكز البحوث, كل ذلك مكتوب في هذا الميكروحاسوب الحيوي الدقيق.
جزيء (DNA) يهدم نظرية الصدفة والعشوائية (النظرية الدارونية) في خلق الإنسان والكائنات الحية حيث ثبت أن الفوارق بين الكائنات الحية هي فوارق في البرمجة اي في ترتيب الحروف الاربعة في هذا الجزيء العجيب, وكل كائن حي يمثل في الحقيقة نوعية معينه من البرمجة الخاصة به, وتتحدد شخصية الكائن الحي وجميع خصائصه من برمجة هذا الجزيء المعجزة .
    ومما أدهش العلماء أن هذه القواعد تتشابه في تتابعها بنسبة 99.9% في كل بني البشر ونسبة الاختلاف لا تزيد علي 0.1 % وهذه النسبة الضئيلة هي التي تفرِّق بين مخلوق وآخر فهذا أسود وذلك أبيض وتلك جميلة والثانية عادية إلي ما لا نهاية من الاختلافات الموجودة بين البشر بحيث لا تجد واحداً يتشابه بها كاملاً مع آخر وهذا الاختلاف يمكن تحديده بما يسمى بالبصمة الجينية.

والسؤال هل تريدون معرفة أبلغ إعجاز إلهي في هذا الشريط أو كتاب الحياة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى