مَملكَة عَهدُ فَيصَلُ الزَمانْ (1)
بقلم: الأميرة الهاشمية دنيا الحسني| العراق
الملك فيصل الأول بن الحسين بن علي الهاشمي
كَم مِن أَنين ٍ في الصَّمتِ
بَكى ذَلكَ النّاي
عَزفَ عَلى أَوتارِ الشَوقِ والحَّنين
لَحنٌ شَّجيٌ يُحيينْي يُعيدَني
عَلى أَعتابِ الزّمانِ يُبكِيني
بَعدَ غْيابُ رِوايةُ الأَحْباب
الأَمانِي تَّتهاوى عَلى عَتَباتِ مَلك
المُلوكِ سَاعةً عَبرَ أَبواب الزَّمان
ذَلكَ البَعدُ الخَفي مَددُ خَبَايا عَصراً
فَتحَ أَحداثُ عَهدَ مُلكاً جَديد
وَقلبّي يَّحنُ مَع شجونِ النّاي تَرانِيمُ
أَنينهُ فْي الكَون يُبكي للوَصْلِ
مْتَشحٌ بِالحُزنِ والشَوقِ والآهات
تُبْكِيهِ الأَيامُ وَقدْ شَاخَ بِلَحن ِ
شَّجي مِنْ الهَّدي فْي مَدائنِ البَوحِ
تُناجِي كَريمُ الصَّفْحِ جَليلُ المَقام
يَّسمعُ الدَاعي فْي تَراتيلِ الرُوح ِ
وَما تَّحملهُ بَينَ طَّياتُها مِنْ فُصْولِ
حُبّ وحَنان منْ الأَولِ إلى آخر ِ الفَصل ِ
مَا يَبعثُ فْي الوجودِ العَّجبِ بِما يمَيزهُ
الله به أَحد أسبابُ العُجاب
بَعدُ سَّكرةُ تَأَوهً مَعَ لَحنِ حَزِين
بِمَهَبِّ الريحِ إذ جَّذوةُ الشَّوقِ
والعَشق في نَّفسِي قَدْ أَشتَعلتْ
في زمن ٍ مَاتَ فْيهِ الحُبّ والسَّلام
وأَوشَكَتْ المَشَاعرُ عَلى الأَندِثَار
لَما خُليَّ عَرشُ المُلوكِ من سُمو الأُمَراء
كَانوا هَيبةُ فتيَةً في إمارةُ الحُكم
صَرَخوا صُراخَ المُعَذَبين صَّدعَ الأَرضَ
وَرجَ أَرجاءَ السَّماء بفَصلُ الخطابْ
بآيةٍ كَريمة لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى، نَّسبُ الرَّسولُ
الهَاشميُ العَدنان مَسفوحٌ مُراق
أَي أَجرٌ قُدم لهُ مَودةً وكَرامة
بَعدَ ذَلكَ لَما جَرى عَلى
مُلوكِ بَنّي هَاشِم مَوتُ وَفراق
فَقدَ ضَاقَتْ عَليهُم الأَرضَ
بِما رَّحُبَتْ وَغُلقَتْ الأَبواب
بِوجُوهٍ مُسْفرةٍ سَيماهُم كَالأَقمار
إستَنارَتْ جهَاتهم وأَشرقَتْ سَاحاتُهم
بِوَقعِ آثارِ حجَتُهم في الوَطن العراق
تَّصَيروا غُرباء، فحَّقَ رثَائي اليَوم
لأَهلِ الأصالة و مَكارمِ الأخلاقِ
سَّالتْ دِمائُهم الزَكيةُ فْي نَهرِ دَجلةَ
والفُراتْ يَّرجهُ المُّجدافُ بِهُنيةٍ
سَاعةِ السَّحَرِ ، كَأَنَما تَّنبِضُ
بأَغوارِهم أَفلاكِ نجُوم السَّماء
غَرَقوا في بَحرِ مآسي مُؤامَرة إنقِلاب
شُرَفاءُ الزَّمنُ الجَميل ذَهَبتْ بِهْم
أَمواج حَّربُ الخَيانة وقَذَفَ البَّحرُ
بِما إعتَاد أَن يَّرمي عَلى شَاطيءِ
تَاريخ المُلوك غَرقَى بِفَيضِ
دمائهم شُهَداء السَادة الإشراف
و مُنذ ذَلكَ الحِّين لَمْ تَضَع الحَّربُ
أَوزارُها فْي مَقرعةِ أَهلِ العراق ِ
زُهِقَتْ أَرواحُهم ظُلماً وَعدواناً
وَمثلَ بأَجسَادهِم هَذا وَذاك
في شَوارعِ بغداد فَرقُ العتمَة
تأَججتْ شقاقٌ وَنفَاق أَذاعُوا بهِ أَخبار
رَحيلُ أَشبالٌ الفَرقَدين عَن الأَوطان
شُهداء المَجدِ لَهمُ ذكرياتٌ خَالدات
بَينَ شَتاتُ الرُوح وخَفاتْ صَّدى الحَّياة
وإرتعاشهُ نَّبرةُ الصَّوت في كَلمات ْ
المَوتْ ، والحَياة، والظَلام، والضيَاء
لِتَستَفيق مِلءُ رُوحي رَّعشةُ بُكَاء
وَنشَوةُ ذكرَياتٌ وَحشيةً تُعانقُ السَّماء
تُمَزقُ الفُؤاد تُذَكرُني بِأَحباب ِأَمس ٍ
مَّضوا مُنيبينَ عَلى أَعتابِ الزَّمان
يُقَطعُ أَوصالُ قَلبّي صَّوتُ أَنين النَاي
يَأَخُذني إلى سِنينٍ خَلتْ بِمُراد ِ
عَاشَهُ حُلمي بَينَ أَطلالُ الظَلام
عَلى أَرضِ الوَطن يَعتَلي العَرشُ
مَلك فَيصَلُ الزَمان ..