من أنت ؟

د. عبد الكريم محمد الروضي | ماليزيا – كوالالمبور

مما يهمنا جميعاً وما يفكر فيه أغلبنا هو الواقع المرير الذي وصلت إليه الأمة والمجتمعات التي نعيشها بل وأوطاننا الغنية بكل مقومات النهضة وكل مقومات السعادة والرقي من الموارد المالية والبشرية وسبل الحياة الراقية والتي يتمنها كل فرد ولكن مع هذا التفكير ومع كل هذه التسؤلات التي تشغلنا لا نجد أننا نفكر كثيراً في السؤال المهم التابع له وهو من أنا وما دوري في هذه النهضة المطلوبة ؟ وهل أنا مجرد شخصية عادية لا مكانة لي؟ ولا أستطيع أن أعمل شيء ؟ للوصول إلى النهضة المنشودة التي وصل إليها العالم تلك النهضة النابعة من قيمنا ومن تاريخنا ومن مبادئنا الراقية والسامية هل أنا مجرد آلة أنتظر ما يملى علي من قل الآخرين لكي أبدأ بالعمل ؟ والجواب لا بل أنت صاحب القرار وأنت صاحب النهضة وأنت من نطلب منه النهضة لا غيرك وإذا فكر كل واحد منا بهذا التفكير سنجد أننا نبدأ بالتغيير وسنبدأ بالعمل لأن كل واحد منا استشعر دوره واستشعر مكانته في هذه النهضة وفي هذه الأمة التي تحتاج الجميع تحتاج التاجر كما تحتاج العامل و تحتاج العالم كما تحتاج قليل العلم تحتاج كل منا بدورة المنوط وبدورة المطلوب .

وهنا أطلب منك أن تسأل نفسك مرة أخرى من أنت ؟ واريد أجابة تعكس عمق تفكيرك ونضج عقلك ووعيك بذاتك أريد أجابة تحمل وعياً بالدور التي ستقوم به، وبالشكل الذي ترضاه لنفسك، ألم نحفظ جميعاً قول الله تعالى (قد أفلح من زكاها) هذه الآية الصغيرة المبنى الكبيرة المعنى في دلالاتها ترشدنا إلى أن نعرف أنفسنا وأن الفلاح لك ولنفسك في تزكيتها وتحسينها وتطويرها وتطهيرها لتصبح هل تلك النفس النشطة والتي تسعى للتطوير والتحسين في الفكر والسلوك والطموح والإبداع والتميز.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على زرع الثقة بالنفس والرفع من شأنها  في نفوس أصحابه، وليس أدل على ذلك من هذه الألقاب العظيمة التي كان صلى الله عليه وسلم يطلقها على أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، فيلقب أبا بكر بالصدّيق، وعمر بالفاروق، وخالد بسيف الله المسلول، وأبا عبيدة بأمين هذه الأمة، وحمزة بأسد الله، وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، وغيرهم الكثير من صحابته الكرام، ممن رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على عينه، فجمعوا بين تقدير الذات والثقة بالنفس الدافعة إلى معالي الأمور وبين التواضع وخفض الجناح للمؤمنين.

أخي / أختي …

يجب أن تراجع إجاباتك على سؤال من أنت ؟ لا أريد أجابة تتضمن اسمك وعملك بل يجب عليك أن تعرف من أنت من حيث قيمك ومبادئك ودورك في الحياة وما ترغب ان تكون وما الذي يجب عليك أن تحققه من أنشطة وأعمال لكي تساهم في نهضة أمتك ووطنك ومجتمعك ، فإن لم تجد جواب فإنها المشكلة التي نعاني منها أننا لم تعرف ذواتنا ولم نقدر حق التقدير، إن نفسك التي بين جنبيك تحاج إلى التقدير وتحاج إلى المعرفة وأن تعاملها معاملة تليق بها وأن تضعها في المكان التي تليق بها ولا تهنها بل أكرمها وأعزها فهي من ستكرمك أو تهينك بعد ذلك.

إياك أن تتحقر قدراتك ومهاراتك التي منحك الله وإياك أن تشعر أن النجاح والتميز قد خلق لأجل إناس آخرين من القادة والعظماء وأصحاب الحضوة وأنك لست صاحب هذا التميز أو أنك لا تستحقه، إياك ان ترضى بالدون وإياك أن تقبل ان تعيش بأقل مما تستحقه، إياك أن ترضى أن تعيش بدون أهداف وبدون مسؤولية وبدون أن يكون لك أثر في الحياة فقد خلقك الله خلفيته في الأرض فكن على قدر المسؤولية وأعمل وناضل وجاهد في سبيل إسعاد البشرية ورفع ما بها من ظلم وكدر وضيق وليكن لك دور ترسمه أنت بحسب قدراتك ومهارات التي يجب أن تستمر في تطويرها لتصل إلى القمة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى