الأفكار مضادة للرصاص.. من وصايا الإنسان المقهور في فيلم V for Vendetta

د. إيهاب بسيسو | فلسطين

الإنسان المقهور ليس وظيفة أو قدراً بل حالة ملتبسة من اضطهاد وصمت، تجعل الإنسان أقرب إلى ماكينة إنتاج متحركة يمتزج فيها روتين العمل البليد مع الشعور بالعجز مع اللامبالاة الناجمة عن صدمات متعاقبة ومتنوعة بين قضايا ذات امتدادات مختلفة سواء اجتماعية أو سياسية أو فكرية.
تلك الصدمات بمجملها تدفع الإنسان المقهور للخروج إلى العلن كباحث محتمل عن الحقيقة أو كضحية محتملة لسياسات القهر التي لا تلبث أن تتحول إلى روتيناً يومياً قد يدفعه إلى حالة من الغليان وثورة بركانية غير متوقعة.
بكل الأحوال يعكس الإنسان المقهور صورة مكثفة لمجتمع أكثر قهراً، قرر فيها عدم الاستجابة لمكبرات صوت داخلية في أعماق تكوينه السياسي والتاريخي، مكبرات صوت تحاول رشوته بخطابات مكررة عن الصبر والاقتناع بأن القهر والاضطهاد المرتبطان عضوياً بآليات القمع الاجتماعي والسياسي قد لا يكونا سوى مقدمات لانفرجات قادمة، انفراجات لا تعني شيئاً في ظل تراكم سياسات الاستبداد المقنع والمكشوف وتحولها إلى منظومة غير متجانسة الأداء ولكنها بالغة التأثير الفردي والمجتمعي.
ظهور الإنسان المقهور في السينما والأدب والفنون المعاصرة يشكل مدخلاً ملائماً لتفحص الذات بشكل متواصل ومحاولة قراءة مضامين القهر المتعددة، دون الوقوع في فخ الاضطهاد الذاتي، أو اضطرابات كره الذات التي تُقيد فرص النجاة من عقد الاضطهاد المتراكمة، فمواجهة القهر تتطلب منع تدفق سمومه الخفية إلى الذات بقناعة وإصرار وجرأة من أجل منع تحويل الضحية إلى جلاد أو مسخ، فالقهر يعتمد بشكل أساسي على خلخلة وعي الضحية وتحول الوعي المشوه إلى سجن نفسي قبل أن يتدفق في الشرايين كحالة أقرب إلى الهذيان والاضطراب والعزلة والاغتراب.
في الأدب العربي المعاصر نماذج عدة لحالة القهر الفردي والمجتمعي عبر عنها العديد من الروائيين والروائيات، من هذه الأعمال عبد الرحمن منيف في شرق المتوسط (١٩٧٥) ونجيب محفوظ في الحرافيش (١٩٧٧) وصنع الله ابراهيم في اللجنة (١٩٨٢) وأحمد سعداوي في فرانكشتاين في بغداد (٢٠١٣) كذلك في الأدب الإيراني كما في رواية آذار نفيسي أن تقرأ لوليتا في طهران (٢٠٠٣) والأدب باللغة الانجليزية كما عند هشام مطر في بلاد الرجال (٢٠٠٦) أو في الأدب الهندي كما في رواية أرافيند أديجا النمر الأبيض (٢٠٠٨). إضافة إلى نماذج عدة في السينما العالمية منها:Taxi Driver (1976), V for Vendetta (2006), Joker (2019)
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى