قراءة وتحليل لكتاب ” سماء الفينيق” للكاتب الأردنيّ: مفلح العدوان

نزهة أبو غوش | فلسطين

في نصوصه النّثريّة، أمسك الكاتب ريشته والوانه بأيدٍ صلدة واثقة وخطّ كلماته عن الوطن الكبير – الأردن وفلسطين- الّذي يفصله جسرا وهميّا فقط، إِذ لا غلاقة لهذا الجسر الا للعبور بينما التّواصل الرّوحي بين الشّعبين واضح تماما، حيث يركّد عليه الكاتب من تمسّكه بالمكان؛ حيث أنّ المكان كان هو البطل في النّص. تماهى الكاتب مفلح العدوان مع النّاس الصّخر والحجر والبساتين والطّبيعة والأشجار والأنهار والبحار، ومع كلّ ذرّة تراب على أرض فلسطين.

رصد الكاتب الأمكنة الّتي زارها في فلسطين، وأوجد لها وجه الشّبه مع أمكنة أخرى في الأردن، فظهرت وكأنّها توأمة لها،من حيث جغرافيّتها، وطبيعتها وأماكنها المقدّسة، وتاريخها؛ ومدى تعلّقه بها. نلمس في النّص مدى اهتمام الكاتب بإظهار المؤاخاةبين الشّعبين. لقد أتقن الكاتب وصف المدن والقرى المجاورة لها، وذكر تاريخ كلّ مدينة مستندا بذلك على المراجع المذكورة في نهاية الكتاب. إِنّ توثيق الأحداث التّاريخيّة تجعلها أكثر صدقا، وتقرّبها من جعلها نصوصا تاريخيّة، أكثر منها أدبيّة.

أضاف الكاتب القصائد لبعض الشّعراء مثل: محمود درويش، السّكاكيني، عبد الغني النّابلسي، إبراهيم طوق، وفدوى طوقان….؛ لقد أضافت هذه القصائد زخما أدبيّا وجماليّا على النّص، وأضافت أهميّة للأماكنالّتي مدحت في كلّ قصيدة، نحو مدح مدينة القدس ونابلس والخليل، وبيت لحم… وغيرها.

هناك قصص أسطوريّة ذكرها الكاتب نحو قصّة الجنّة المغلقة في مدينة الخضر، وجماجم الأطفال الّذي قضى عليهم هوريدوس وغيرها الكثير حتّى عن الشّجر والحجر؛ مما أضاف نوعا من التّشويق في قراءة النّص.

لم يغفل الكاتب أن يضمّن نصوصه عن مدى الألم والمعاناة والمضايقات الّتي يتلقاها الشّعب الفلسطيني من المحتلّ في كلّ مدينة زارها. كما وصف بعض هذه المضايقات الّتي يلمسها المواطن خلال مجرى حياته اليوميّة.

لقد كان أصدقاء الكاتب  الّذين ذكرهم في كتابه، بمثابة حلقة وصل لعمليّة السّرد التّي ذكرها الكاتب لبعض الشّخصيّات الحقيقيّة من أصدقائه الّذين قاموا باستقباله والتّرحيب به في فلسطين، أضاف بهجة وفرحا في قلب القارئ؛ لأن الزّائر نفسه فرح وابتهج وتفاعل بشكل مؤثّر جدا، وقد ذكر الكاتب الأسير باسم خندقجي، وروايته الأخيرة” مسك الكفاية” في مدينة نابلس؛ ممّا أعطى إِضافة معنويّة للقارئ الّذي يحبّ، ويفتخر بهذا المناضل، والأديب المتمكّن .

العاطفة في نصّ الكاتب العدوان بدت بارزة، حيث وجد الفرح والانفعال والغضب والكره مع كلّ مرحلة من مراحل زيارته، كان عدم مقدرته دخول القدس أمرا مؤلما؛ حيث زارها من خلال الفينيق أيّ الزّيارة الافتراضيّة الّتي عمّرها خياله.

لقد أسهب الكاتب في الحديث عن الكنائس  في معظم الأماكن: صفاتها وبنايتها وتاريخها وما روي عنها… ؛ ربّما يعود ذلك إِلى انتماء الكاتب للدّيانة المسيحيّة.

طائر الفينيق:

لقد استخدم الكاتب العدوان طائر الفينيق كوسيلة للتّعبير النّفسي بعد عملية سرد متعبة، يحتاج بها الكاتب فسحة زمنيّىة؛ كي يعبّر بها عن فكرته، أو فلسفته، أو رؤيته وهي طريقة ذكيّة إِذا ما استخدمها الكاتب بشكل صحيح.

هناك مثالا لهذه الفكرة في رواية الأديب طه حسين ” دعاء الكروان” قال في مرحلة نفسيّة على لسان البطلة: “منذ ذلك الوقت كان العهد بيني وبينك أيّها الطّائر العزيز على أن نذكر المآساة  كلّما انتصف الليل…..”

شعرت عند قراءتي لنصوص الكاتب بأنّه قد غيّب طائره، أو تناساه في محطّات كثيرة كان بحاجة ماسّة لأن يخاطبه، أو يناجيه ويبوح له بأشياء كثيرة واجهته في رحلته إِلى فلسطين المحتلّة.

اللغة سلسة وواضحة وموثّقة. أنصح بطباعتها بعد مراجعة الأخطاء الاملائيّة والنحويّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى