حماية أم احتلال دولي؟
بقلم : عدنان الصباح
هل سنجد انفسنا غدا امام قوة حماية دولية مشتركة بين اسرائيل وامريكا وبعض الدول العربية وبالتالي نكون بأيدينا قد اسسنا للمشاركة العربية مع امريكا ودولة الاحتلال في فعل عسكري بأهداف تحقق المطالبات اليومية للقيادة الفلسطينية في تحقيق الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
وسواء اكانت هذه الحماية الدولية المطلوبة فلسطينيا بإصرار تأتي لحماية شعبنا من بطش الاحتلال ام لحماية الاحتلال من تعاظم المقاومة فان النتيجة واحدة وهي تدويل الاحتلال وشيطنة المقاومة واطالة عمر الوجود الصهيوني على ارض فلسطين ومنح دولة الاحتلال الفرصة لتطوير المستوطنات وتعظيمها وسنجد العالم نفسه وقد شرعن الاحتلال لبلادنا وبناء على طلب منا.
بعد اقل من شهرين سيكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس امام استحقاق مهلة العام التي منحها لدولة الاحتلال للانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967م وسيكون عليه ان يطالب الامم المتحدة بالرد على مطالبه بالحماية الدولية التي قدمها للمجتمع الدولي في نفس الخطاب.
بالتأكيد لن تستجيب اسرائيل لمطالب الرئيس عباس ولن تعود بإرادتها الى حدود العام 1967م ابدا وهي لن تجد من يجبرها على فعل ذلك لكن من المتوقع ان تجد الامم المتحدة نفسها وهذه المرة ممثلة بمجلس الامن مضطرة للاستجابة للمطلب الفلسطيني لفرض قوات حماية دولية شكلا ولن يكون ذلك مستبعدا ان يندرج هذا القرار تحت الفصل السابع من ميثا الامم المتحدة وتحديدا البندين 41 و 42 بما يظهر القرار وكانه جاء ليتم فرضه على دولة الاحتلال في حين ان ذلك د يعني قبول المقاومة في قطاع غزة بقوات الحماية الدولية هناك وهو اعلان مسبق عن نقل معركة المقاومة ضد الاحتلال الى معركة مع دول العالم والتي يعطيها الفصل السابع الحق بتطبيق القرار بكل اشكال القوة.
ليس المطلوب فلسطينيا قوات حماية دولية ستكون اسرائيل بها سيدة الموقف وستكون بوابة التعاون العلني العربي مع دولة الاحتلال برعاية اممية رسمية ومشرعنة وعبر البوابة الفلسطينية وبما يضمن فرضه على الشعب الفلسطيني ليس لحماية هذا الشعب من الاحتلال وبطشه بل لتكريس بعيد المدى للاحتلال وفرض اسرائيل كواقع شرعي مقبول في المنطقة لا بل والتشارك معها وايضا من البوابة الفلسطينية.
المطلوب فلسطينيا حماية فلسطينية للشعب الفلسطيني ومقاومة متواصلة بكل اشكالها ومن كل ما يمكنه ووحدة حقيقية في البرامج والادوات وبناء وطن موحد ونظيف وقادر على مواجهة الاحتلال والصمود امام مخططاته وحشد التأييد العربي والإسلامي والأممي الشعبي والرسمي حيث يمكن لكفاح شعبنا من اجل التحرير والحرية وتقرير المصير ولن يكون ذلك ممكنا بالحال الفلسطيني الذي نعيش اليوم وفي المقدمة حالة الانقسام والفوضى التي تعم الوطن وليس بعيدا التعاظم المتواصل لإضراب المحامين والذي لن يتوقف على المحامين وحدهم مما يضع الوطن على حافة الهاوية وهو ما تتحمل مسئوليته القيادة في وطن غابت قسرا فيه كل اشكال الديمقراطية وتجلياتها المؤسسية وخصوصا بعد الغاء الانتخابات الاخيرة في اللحظة الاخيرة والشلل والتغييب الذي اصاب المؤسسات الشرعية البديلة كالمجلس الوطني والمجلس المركزي.
لا بديل اذن عن وطنية الحماية ومواطنة الشعب ومدنية مؤسسات السلطة وتفعيل ادوات الشرعية والتشريع لحماية الفصل بين السلطات بعيدا عن حماية عالم بتنا على يقين انه يعلن انحيازه الكامل ليل نهار وليس ادل على ذلك من مجريات زيارة بايدن للمنطقة واعلانه رسميا وفي البيت الفلسطيني ان حكاية الدولتين بعيدة المنال وان علينا ان نتعايش مع الامر الواقع فقد قال بلا تردد امام الرئيس الفلسطيني وفي المؤتمر الصحفي ان عليكم ان تهتموا ببناء مؤسسات بشفافية ولم يقل ذلك بالغرف المغلقة بل على الملأ واعلن انه احضر لنا تبرعات العرب من بوابة امريكا وبذا بات واضحا ان الرهان على عالم تقوده الولايات المتحدة رهانا فاشلا بالتأكيد.
فإما ان نتحد لنحمي قضيتنا ونصوغ غدنا باستعادة بلادنا بالفعل المقاوم بكل اشكاله واما ان نحصل على حماية لأرواحنا وممتلكاتنا وننسى قضيتنا وبلادنا ويصبح حالنا كما قال بايدن لنا بالكلمة والفعل ان لا قدس ولا مقدس ولا حقوق لنا سوى الحقوق الاقتصادية وعبر بوابة امريكا واسرائيل فقط.