أمريكا.. حين يصبح الشيطان واعظا
بقلم: عدنان الصباح
وحده الغباء وغياب الرؤيا الواضحة والقدرة على احتمال فعل المقاومة عبر تحويل المقاومة الى قيمة أساسية لدى أهلها هو ما يمكنه منع أمريكا واسرائيل من النجاح في تحويل المقاومة إلى عبء على اهلها وهو ما فعلته وتفعله امريكا حتى اليوم فقد فعلت ذلك مع العراق وإيران حين قادتهما الى حرب وحشية لسنوات ثم انتهى بها الحال الى تدمير العراق واستباحته ولا زال الحال على ما هو عليه حتى اليوم وهي تفعل ذلك اليوم مع روسيا حين استطاعت ان تجرها الى حرب لا تعرف نهايتها مع اوكرانيا وكذا لا زالت تحاصر ايران محاولة افقار شعبها وتطمير اقتصادها حتى تتحول معادة امريكا الى كابوس على انفاس الشعب الايراني وهي غادرت افغانستان لدفعها الى ايجاد عدو بديل لأمريكا هناك قادة بذلك الصين وتغذي فتيل الحرب الدينية في الهند لإشعال نارها مع باكستان ومن حولها ولم يكن عملا غبيا ابدا زيارة ميلوسي لتايوان رغم تهديدات الصين التي ظهرت بعد الزيارة وكان لا حول لها ولا قوة امام جبروت امريكا الاقتصادي بعد ان تحول الحزب الشيوعي الى وكيل لاقتصاد الغرب ينتج له ما يحتاج وبالتالي باتت خزائن امريكا والغرب هي مصدر قوة الاقتصاد الروسي خصوصا بعد ان تراجعت قدرة الين الاقتصادية عبر كورونا وما بعدها.
ما فعلته امريكا عبر العالم وفي كل قاراته تفعله لايتها الهاربة ” اسرائيل ” في الشرق الاوسط وطبعا برعاية امريكية اوروبية حين تم تدمير مرفأ بيروت واضعاف الاقتصاد اللبناني الى ابعد الحدود بمساعدة حلفاء امريكا واسرائيل في الداخل عبر تهريب ثروات لبنان الى الخارج في اكبر عملية لصوصية بنكية عبر التاريخ فهناك من يقدر المليارات المهربة بمائة مليار دولار مما جعل لبنان خالي الوفاض وهذا يلتقي مع حملة دعائية ضخمة بشيطنة حزب الله وتحميله مسئولية ما يجري في لبنان بما في ذلك حالة الفقر التي طالت الغالبية العظمى من الشعب اللبناني واليوم تكرر اسرائيل التجربة مع طاع غزة فبعد ان فتحت بوابة لقليل من البحبوحة في العيش والدخل للقطاع عبر منحر بضعة الاف تصاريح للعمل في الاراضي المحتلة عام 1948م عادت اليوم واغلقت كل منافذ القطاع ومنعت هؤلاء العمال من العودة لأعمالهم وبالتالي فهي تقصد ان تبلغهم ان السبب هي المقاومة وان غياب الخبز والدواء والماء والكهرباء عن القطاع لم يكن ابدا سببه حصار دولة الاحتلال الظالم للقطاع بل الفعل المقاوم بهدف خلق حالة من التناقض والاستعداء مع المقاومة ومشروعها من قبل جماهيرها.
أمريكا تجفف مصادر الدعم للمقاومة من كل الجهات بإضعاف ايران ومنع الدول الاخرى من تقديم الدعم لمواطني غزة بهدف دفعهم الى حافة الجوع واسرائيل تغلق كل المنافذ الى القطاع بهدف تفجيره من داخله وكلاهما يسعيان الى نفس الهدف تحويل الارض الى جزيرة امريكية خالية من أي اعداء وترك الشعوب الصغيرة والفقيرة تقتتل وتفسح المجال لأمريكا لنهب خيرات وثروات هذه الشعوب واستعبادها بتحويل البشرية برمتها الى شغيلة ماجورين لدى حفنة من الرأسماليين الاشرار ووكلائهم عبر الارض.
ابدا لم يعد هناك حربا مقدسة سوى كفاح الشعوب التي ترضخ تحت الاحتلال وما تبقى فهي حورب للرأسمالية ولمن يمكنه السيطرة اكثر والسطو اكثر على ثروات الشعوب بحرمانها من حريتها باستغلال ثرواتها بحيث يصبح نفط العراق وليبيا وغدا السعودية من حق راس المال الامريكي ومن يدور في فلكه وللأسف فان ما تسعى اليه الصين يكاد يعني تكرار للنسخة هبر مشروعها الرأسمالي طريق الحرير وكذا تفعل روسيا لترث الاتحاد السوفياتي الاشتراكي الى الاتحاد الروسي الرأسمالي.
ان ذلك يعني ان على الفقراء ومعهم الطبقات الوسطى ان يتوقفوا عن القبول بدور الخادم المغلوب على امره لدى طغيان الرأسمال المستغوِل اينما كان وتحت أي يافطة جاء فقد استطاعت امريكا وللأسف خرق كل الجبهات التي تقاتلها او تقف في وجهها فلم تتمكن الصين ابدا من دعم روسيا ولم تفعل ايران ولا الهند وكل ما استطاعوا فعله هو الصمت او الدعم المعنوي الخجول احيانا وتركت امريكا تنفد بكل جهة مهم والسبب الاساس ان لا هدف مشترك لهؤلاء وان من يوحدهم ان امريكا لا تريدهم وليس العكس وبالتالي لا يمكن ان نبني امالا على من يحاولون استبدال امريكا بذواتهم.
المطلوب اليوم صحوة الفقراء واشباههم ومعهم كل المؤمنين بان ثروات الارض لأهل الارض بالتساوي وان حق العمل والتنقل والطبابة والسكن هو حق طبيعي لكلا انسان على وجه الارض وان القتل والموت والدمار ليس قدرا إمبرياليا على الشعوب ان تقبل به وكانه ارادة الهية فلا علاقة على الاطلاق لرب البشر بآلهة هؤلاء الإمبريالييين المستغوِلين القتلة.
اليوم تتقن امريكا القيام بدور الواعظ وحامي الحريات والديمقراطية وتتقن ان تسمي نفسها ومن حولها بالعالم الحر حتى لو كانوا من التلة دون ان يستطيع احد اسقاط اكذوبتها هذه والسبب ببساطة ان العالم بات يتقن الانقسام كما تصنعه امريكا ولا تعنيه وحدة قواه بوجه لصوصية امريكا ووكلائها عبر الارض ودون صحوة من هذا القبيل فستبقى امريكا صاحبة المصطلح الاكثر رواجا واليد التي تقتل او تحيي من تريد ما دام العالم يتسابق على نيل رضاها واستجداءها للحصول على دور الخادم لها.