تأملات في معرفة المعرفة
د. خضر محجز | فلسطين
يطلبون الدليل على وجود الله! فهلا أقمتم الدليل على وجودكم ذاته!
إن إقامة الإنسان الأدلة على وجود ذاته، يعني أنه يصدّق أنه مصدر العلم.
فإن رأيت أنك مصدر كل معرفة، فدلَّتك نفسك على أنه لا يوجد إلا أنت، فقد صرت إله نفسك. فتتعدد الآلهة بعدد الأشخاص، ولا يبقى مرجع جامع لشيء.
وحياة العالم المادي من حولك تأبى ذلك..
ينتفي كل شيء خارج الذات:
العالم حولك ينتفي وجوده، لأنه ـ في الأصل ـ إنما يقيم الدليل على وجوده من ذاته هو، لا من ذاتك أنت.
إذن، فلا دليل على الله سواه.
فإن سألتَ: فلم العلم الديني إذن؟
قلت لك: لنتعلم صفاء التوحيد، فننال صفاء العبادة. فلا عبادة بلا توحيد، ولا توحيد بلا إخلاص النية.
وإخلاص النية هو أن تؤمن بما بلغ الرسول كما لو كنت عرفت ذلك بنفسك يقيناً.
فإن عرفت الله، عرفت كيف تقف بين يديه. وكان ما سوى ذلك نافلة.
هذا هو معنى قولي القديم: ما آمن بالله من اشترط. ومن آمن بالدليل عبد الدليل.
ليس مهماً أن يفهم ذلك الجميع، فلو فهمه واحد أو اثنان فهذا يكفيني..