محاورة غير تاريخية مع قصاص أثر سيناوي

عماد علي قطري | شاعر مصري مقيم في السعودية

الجزء الثالث من التغريبة السيناوية

.

– عم مساء أبانا الذي في الرمال

عم مساء أبي ،

من بعيد أتيناك نرجو جواب السؤال

قد أتيناك سلماَ … علينا ..عليك السلام

قد أتيناك بحثا عن السر في المسألة

ما الخطى سيدي ؟!

سِرَها .. نوعها .. كنهها ، كونها معضلة ؟!

باختصار : ما الخطى سيدي ؟

* : قال: صكُ لإثبات نبض الخطى في الدروب

لعنة إن تخن وجهك المرتمي

فوق رمل أذته الرياح

في الخطى – أيها الناس – صمت الغريب

فاكتبوا فوق هام الصباحات

– زهواَ –

عن القلّة المؤمنة …

في الخطى رعشة البنت

إن عادها التذكار للولد البعيد

لا تلم خطوة ذكّرتها الليالي اشتهاء العناق

والفتى مثخن والجراح ..

صفّدته التوابيت قرب ( الكنال )*

نازفا عشقها أغنيات المحال

أيها الرمل قلها : شهيد

لم يزل عاشقا خطوها في الرمال

– سيدي: باختصار

* : الخطى عمرنا

ظنّه العابرون امتدادا أتى سرمديا

عصى … فاستقال

أيها العابرون

في الخطى نبضة لم تمت

عاندت سطوة الريح و الأزمنة

ربما دمعة في الفراق اللعين اصطفتها

سقتها الفراق اللعين

ربما صدقها في المسير

ربما عشقها للوطن

– سيدي : قال طفل بوادي العريش

رملنا مستباح

ما الذي سرّبته الرياح؟

حدّثت عن خطى القابعين اصطبارا

على جمرة لا تموت

* : عنده فيض علم صباح العريش

الخطى ذكريات

و خيبات من تاق فجر المحال

ليس للنسر أن يرتقي قبّة الروح

يعلو افتخارا بقلب البراح

وحده الصقر صلّى عليه الملاك

مزقة قرب ماء البحيرة

( شلونا و الرمال ) …

مِزقَةُ قرب طلح حزين

شلونا ..

وحدها البردويل** استعادت خطاه الشريدة

لملمت شلوه المستباح

لملمت… لملمت …

لملمت ثم صبّت من القلب ماء الحياة

فاستعاد الفتى رعشة الروح … قام

لم يزل خطوه في السماء

خطوة راعفة …

و الدماء التي سرسبت نبضها لم تعد خائفة

وحدها الخيل تبقى خطاها و يسمو الصّباح

قالت الموريات : الصباح الصباح

و الصباح استباحت جنود نسور

رؤاه انتقاما لليل النواح

_ سيدي : والفتن ؟

خطوها ملتبس

والرصاص الخئون انتشى عربدا

_ : خطوة فاتنة ؟

من يعيد المريدين للنور

إن مزّق الشيخ فجر الرؤى الكامنة ؟

ضاجع الإثم جهرا بساح النبوءات

في الحضرة الماجنة

خطوة يا صديقي بعكس اتجاه الصدى

لا تعيد الكلام المسجّى

إلى ربى اللحظة الراهنة

فالخطى سجدة الروح شوقا

لأم على الرمل تشكو المصاب

و الرصاص الخئون انتشى صوته و الصدى

الخطى لوعة القلب يوم الندا

و الحدود استباحت دماء المريد

الخطى بصمة و الأثر

ركضة الخوف في ظلمة مات فيها القمر

ركضة في الردى

ظلمة ليس فيها وجهها إن تمر

ظلمة كاذبة

باعت الوهم للراحلين

قيل : غنّت

وكانت سرابا فلم تستطع خطوة لليقين

كسّرت نقشها

أعلنت في المدى كذبها

موّجت حلمها و ارتدت زيفها

علّها تغتدي آمنة

الخطى بوصلة

و الشماليّ ما اختار بنتا سَبت روحه في ” نخل “

ما رأى الدفء قبلاَ

وما علّمته العيون -التي ليس فيها البحار-النجاة

خطاها التي زلزلت صمته

لم تزل خاطفة

و الشمالي ما ذاق تين الجنوب

خطوه الخوف من شيخه و القبيلة

خطوة خائفة

ترسم الرعب تخشى انتصارا

لعرف مقيم ثوى في ربى الأمكنة

حلمه نجمة في سماء،

( تخاف انكسار العرف في الأزمنة ) …

يا فتى …

قف على ربوة لا تغنّي شجون الممات

قل لها : النيل صلّى انتصاراً بصدر البنات

والبنات … البنات ، اشتهين الخضاب

– سيدي والمساعيد* لم تغتسل من رمال الشمال

ما الذي يمنع البحر أن يستقيل ؟

 

ما الذي يجعل الخطو مُرّاَ كحزن الثكالى

بوادي العريش ؟

*: الخطى قبلة الأرض للحن في أغنيات القدم

بصمة القلب يوم الإياب

دمعة …

واعتذار المحبين عن إثمهم و الغياب

سجدة الروح شوقاَ

لأمٍ على الرمل تشكو المصاب

خطوة لم تعد خطوة و الرمال

خطوة لم تعد ..

و الهواء استحال انتثاراَ بأشلاء سلمى

و “سلمى”، سماء

يا بنات المساعيد غنّوا لسلمى

إذا اللغم خان

يا بنات المساعيد

يا زين من زّن من حسنهن الحجاب

يا بنات المساعيد غنّوا لسلمى

“عليها السلام ” …

وارقصوا عند أشلائها الدَحِيّة**

خطوها يا بنات المساعيد

نيل يغني لنخل العريش

صوتها يا بنات المساعيد تين

و خوخ أتى من رفح

صدرها يا بنات المساعيد حزن اليمام

ما عيون المها ؟

والمها يا سُلَيمُ انزوى يوم غار ***

يا بنات المساعيد سلمى هناك

أيها الرمل يا سيدي: كيف كان ؟

كيف لغم يغال السماء ؟

خطوة و المساعيد حبلى بلغم

فهل علّمتك الغباء؟

…..

……

غارقا في النشيج

والدموع السيول استبدت بوجه الكلام

وانتهى الحرف صام

يا أبانا الذي في الرمال …

في الختام :

واحتراماَ لدمع نبيل سما فاستهام

_ عم صباحا أبانا الإمام

يا أبانا السلام

السلام .

………..

هوامش:

* الكنال : قناة السويس باللهجة السيناوية ( العرايشية ) .

**البردويل: بحيرة البردويل، أكبر بحيرات مصر في سيناء .

*المساعيد: من أكبر قبائل سيناء، وباسمها حي في العريش.

** الدَحِيَة : رقصة بدوية سيناوية .

*** سُلَيمُ : تصغير لسلمى، وليس المقصود قبيلة سليم، القبيلة العربية المعروفة بالطبع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى