متعة التفاصيل الصغيرة مع كورونا

الكاتبة المصرية القديرة | زيزيت سالم

هل سيأتي يوم نحكي لأحفادنا أن الحدائق المصورة على المواقع الالكترونية والمرسومة في لوحات الفنانين وبها بشر يمشون على أقدامهم وأطفال يدحرجون الكرة على بساطها الأخضر لم تكن خيالا علميا؟ بل فعلناها في سالف العصر والأوان .

هل سيأتي يوم نخبرهم أننا كنا نبتاع احتياجاتنا من السوبر ماركت ونتجول فيها بحرية ونختار الفواكه والخضروات بأنفسنا ونعود محملين بالخيرات ونرصصها في الثلاجة والأماكن المخصصة لها دون ضياع رائحتها الطازجة برش الكثير من الكلور عليها.

وأن تنفس الهواء دون كمامة كان منعشا ورائعا عندما كان الهواء يداعب أنوفنا كتحية اللقاء الأولى عندما ندب بأقدامنا أسفلت الطرقات في ساعات الصباح الأولى أو في أمسيات القمر .

هل سيأتي يوم ونحكي لهم أن متعة التسوق في المولات ونحن نتجول بين متاجر الملابس والأحذية ونجرب ارتداء الموديلات الحديثة ونلمس أنسجتها بمتعة لم تكن نزيفا للوقت، وأنه بعد انتهائنا من ارتيادها طولا وعرضا، نجلس على أحد الكافيهات لتناول وجبة خفيفة أو كوبا من الكابتشينو الساخن أو الشكولاتة المثلجة فتتجدد طاقتنا ونشتاق للعودة الى بيوتنا لندخل مباشرة الى حجرة النوم ونرتمي على السرير باسترخاء دون طقوس خلع الحذاء على باب الشقة ورشه بالمطهرات هو والحقيبة والموبايل وسلسلة المفاتيح .

هل سيأتي يوم ونخبرهم عن الرحلات التي حملتنا الى بقاع الأرض والطائرات التي حلقنا بها فوق السحاب وكيف أنها اختصرت كتب الأسفار الى تلك الأراضي البعيدة عندما اختبرنا أجوائها يوما ما .

وأن متعة تأمل البحر والنبش بأناملنا في الرمال وبناء القصور العالية على الشاطئ واستقبال الموج لنا بالأحضان كانت متعة لا تضاهيها متعة .

هل سيأتي يوم ونحكي لهم أن الأحضان والعناق كانت الوسيلة المثلى للتعبير عن الحب وليست القلوب الموشاة بالنجوم الفضية والمحاطة بأحزمة ذهبية كتلك المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي .

وأن القبلة كانت الرسالة الحميمية الأكثر شيوعا للوصل بين العشاق والأصدقاء، وأن الشد على الأيدي وقت المصافحة للتعبير عن المودة أو إبقاء الكفوف في أحضان الكفوف هي دليل الأمان والقرب  .

هل سيأتي يوم ونخبرهم أن التفاصيل الصغيرة التي شكلت وجداننا دون أن ندري لأنها كانت عادية، أصبحت الآن في هذا الزمان الغابر غير عادية بل ومن المستحيلات .

أم سيأتي يوم مختلف تماما نكتشف فيه أن كل ما حدث ما هو إلا تمثيلية كبيرة استخدمتنا فيها الدول العظمى لتغيير المفاهيم الدولية وفرض نظام عالمي جديد ؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى