الإهمال درج هابط يوصلنا إلى هاوية العلاقات

د. هبة العطار| أكاديمية وإعلامية مصرية
في البدايات، تكون العلاقة كشرارة تنير الروح، لكنها ليست واضحة تمامًا، فهي مليئة بغموض وخفاء، كأن جزءًا من الطريق لم يُكشف بعد عن قلوبنا وعقولنا. كل لحظة فيها توهج من الانفعال والحب والاهتمام المتبادل، الكلمات تصبح جسورًا، والابتسامات أنغامًا، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة هو ما يغذي هذا التوهج ويكشف تدريجيًا معالم الطريق أمامنا. لكن مع مرور الوقت، ومع الاعتياد، يبدأ التوهج يخفت تدريجيًا. الانتباه يضعف، التفاصيل تُهمل، والاهتمام يصبح أقل، لتتسلل الشكوك والفتور الصامت، ويبدأ الانحدار نحو أشكال الإهمال والصمت التي تهدد دفء العلاقة وتضعف جذورها ببطء. الإحساس بتملك من نحب، والاعتقاد بأن وجوده صار من المسلمات، يجعلنا أحيانًا نفقد اليقظة الواعية التي تتطلبها العلاقات. نصبح أقل اجتهادًا في لفت انتباهه أو جذبه، ونغفل عن العناية بالتفاصيل الصغيرة التي تُبقي الانفعال الحسن والفكر والوجدان مستمرًا وحياً بيننا. ومع مرور الوقت، ومع الاعتياد، يبدأ الحب الذي كان يومًا منارة للإحساس والاهتمام، يتحول تدريجيًا إلى فراغ صامت يبتلع الدفء ويهوي بالعلاقة نحو هاوية الإهمال. الإهمال ليس مجرد غياب للفعل أو صمت عن الكلام، إنه فجوة تتسع بصمت بين أرواح تتشارك المساحة نفسها. هو الدرجة التي تبدأ صغيرة، تبدو غير مؤذية، لكنها تدريجيًا تحفر خنادق عميقة في قلب العلاقة، حتى تتحول إلى هاوية لا عودة منها. حين نهمل من نحب، لا نهمل الأشياء فقط، بل نهمل حضورهم الروحي معنا، نترك مساحات الفراغ تنمو بيننا وتخنق دفء العلاقة. كل تجاهل، كل كلمة لم تُقال، كل اهتمام لم يُبذل، هو حجر يُلقى على جدار الثقة الذي كنا نبنيه. ومع الوقت، تصبح هذه الحجارة جبلًا يعزلنا عن الآخر ويقودنا إلى الانحدار نحو الخسارة المؤلمة. الإهمال ليس صدفة، بل اختيار مستتر، وعواقبه لا تقاس باللحظة، بل بمجموع اللحظات الصغيرة التي تتراكم صمتًا. العلاقة تحتاج إلى حضور واعٍ، إلى عناية يومية، إلى الاستماع والاحتواء. غياب ذلك الحضور يعني أن نسمح للخواء أن يسيطر، وأن نترك مشاعرنا تتآكل بهدوء. الهاوية التي يقودنا إليها الإهمال ليست هاوية اللحظة، بل هاوية الزمن الذي يفقد فيه الإنسان الآخر أهميته أمامنا. وعندها، ندرك أن الألم الحقيقي في الشعور بأن من نحب لم يعد حاضرًا إلا كظل باهت في حياتنا، وأن ما كان يومًا رابطًا عميقًا أصبح مجرد ذكرى تتلاشى. الإهمال هو القيد الذي نصنعه بأنفسنا على قلوبنا، إنه الانحدار الصامت الذي يهدم الجسور قبل أن ندرك أننا نعيش فوق حافة هاوية لم يعد فيها شيء يقودنا للآخر. إدراكنا له هو البداية الوحيدة للخروج من هذه الدائرة، لكن من تجاهلنا مرارًا، قد لا يعود أبدًا. فلنحذر من أن نترك القلوب تهوي، ولنمنح العلاقات ما تستحقه من حضور واهتمام، قبل أن يصبح الفقدان هو الدرس الوحيد الذي نتعلمه.




كاتبة مميزة رائعة أسلوب سلسل راقى وصفت بكلمات بسيطه علاقات كثيرة نتعايش معها وان كنت اعلم يقينا أن هناك شريك لا وجود للفتور او التعود او الإهمال فكل هذه المسميات تندثر بوجود شخص مميز يجعلك تحيا قصة حبك كأول دقة قلب وأول لقاء