التعليم والتعلّم عن بُعد جائحة كبرى
سجى مشعل | القدس العربية المحتلة
في الواقع لم يكن التّعلّم أو التّعليم عن بعد هو الجائحة الكبرى بالنّسبة لنا إلّا حينما فقدنا فكرة تقدير الجهود، وعدم التّعاون مع كلّ الجهود والطّاقات المبذولة والمُستنزفة – فَعدم التّقدير ضائقة بحدّ ذاتها -، لا أنكر عدم توفّر الإمكانيّات الجمّة والمناسبة لهذه الأوقات، إنّما حتّى طريقة تعاملنا مع هذه الإمكانيّات المُتوفّرة أمرٌ يصعب شرحه.
فكلّ ذلك يرتكز على ثلاثة أطراف هي: الأستاذ، والطّالب، والأهل بإمكانيّاتهم الموجودة.
فالأستاذ يبذل جهدًا مُضاعفًا في تحضير الدّروس، وعرضها، وإيجاد طريقة سهلة لإيصال المعلومة للطّالب، وقد يستغرقه ذلك وقتًا وجهدًا قبل وقت الحصّة وأثنائها، وهذه الجهود تُقابل بعدم التّقدير من الطّالب وأهله.
فضلًا عن أنّ هناك بعض الأساتذة من جهة أخرى يُثقلون كواهل الطّلّاب بالواجبات والمهامّ الدّراسيّة مُتناسين كونهم يدرسون عن بُعد ومن خلف الشّاشات، وقد يتعسّر فهم الطّالب لأكثر من مفهوم، ولأكثر من فكرة، وقد يستغرق ذلك حصصًا مُضاعفة أكثر ممّا قد يأخذ وقتًا في التّعليم الوجاهيّ بصورته الطّبيعيّة.
ومن جهة الطّالب فهو مُستهتر نوعًا ما، ويُهيّئ نفسه على أنّه في إجازة، وبأنّ مكوثه في المنزل ما هو إلّا استراحة أو استجمام، يفتح الحصّة ويذهب للنّوم أو اللّعب وفي ذلك انعدام مسؤوليّة ورمي الحِمل على المُعلّم، وإلقاء اللّوم عليه، وناهيك عن كون الطّلبة يلجؤون إلى الغشّ، وإلى الحلول السّريعة والسّهلة، أو حتّى إلى مَن يستخدم حسابَهم لحلّ الإمتحانات أو الواجبات، أو حتّى الحصص أو المحاضرات، وفي ذلك مَنقصة من شأن الطّالب وخطأ جسيم قد ارتكبه في حقّ ذاته، فَمَن الخاسر هنا؟
ومن جهة ثالثة فالأهل بالمُجمل غير متعاونين مع الأساتذة ومع أبنائهم، ويُلقون كلّ الأعباء التّعليميّة واللّوم على الأستاذ، غير أنّه جدير بالذّكر بأنّ هناك بعض العائلات لا تتوفّر فيها أجهزة أو حتّى انترنت.
وأنا أُعلّق بأنّ التّعليم الإلكترونيّ عندنا موسوم بعدم التّقدير، وعدم توفّر الإمكانيّات، وعدم الشّعور بالمسؤوليّة من أيّ طَرف مهما يكن، وتضيع الحصص في مشاكل تقنيّة، وبسبب الإنترنت والخلل في الصّوت أو الصّورة، نحن نعيش في أسوأ مرحلة تتّجه بنا نحو الهاوية الثّقافيّة، نعم الهاوية، سنسقط جيمعًا، والأجيال المُتعاقبة كلّها تخرج دون أيّ مُخرَج تعليميّ، ولا أحد مُستفيد!