رواية الخاصرة الرخوة وظلم النساء
ديانا أبو عياش | فلسطين
عن مكتبة كل شيء للنشر والتوزيع في حيفا، صدرت رواية الخاصرة الرخوة للكاتب المقدسي جميل السلحوت عام 2019م، جاءت في 251 صفحة من الحجم المتوسط، ومن الجدير ذكره أن لها جزء ثاني بعنوان المطلقة تم صدورها عام 2020م.
العنوان: الخاصرة الرخوة
الفكرة الرئيسية: يسلط الكاتب الضوء على بعض العادات والتقاليد وبعض الأفكار والتصرفات الخاطئة التي تؤدي الى عدم استقرار الأسر، وبالتالي الى انهاء الامر بالطلاق، او جرائم الشرف، ومنها الزواج بالإكراه، المثلية الجنسية، غشاء البكارة ومفاهيمه الخاطئة، التحرر وتقليد الغرب في العلاقة بين الشاب والفتاة.
الشخصيات: جمانة، اسامة، صابرين، يونس، عائشة، زياد، ام اسامة، مأمون،… وغيرهم
المضمون: يقترب تخرج جمانة من الجامعة، يجبرها والداها على الزواج، من اسامة الشاب الذي درس أصول الفقه، وله أمّ شريرة حسودة متسلطة، لكنه سيسكن في السعودية حيث يعمل ويكون بعيدا عن أمّه، ويتم تحديد موعد الزواج بعد تخرجها اي بعد عدة أشهر، ويسافر هو وتكتشف اثناء فترة الخطوبة ومن خلال أحاديثهما معا عبر الهاتف أنه يؤمن بالفكر التكفيري، فيأمرها أن ترتدي النقاب، وتناقشه في كثير من الأمور التي يقرها الإسلام ويرفضها فكره، ومع ذلك لم تخبر أهلها في الأمر ولم تظهر لهم امتعاضها منه، حتى عاد وتزوجها، ومنذ الليلة الأولى أراها كل ما يمكن أن يسمّى إذلالا لدرجة أنه أمطرها بوابل من الشروط المجحفة، وجعلها تقبل رجليه وحذاءه، وتفاجأت حين سافرا الى السعودية بأن بيتها لا يصلح كزريبة للحيوانات، ويقع في منطقة لا يسكنها إلا الفقراء من المهاجرين الأجانب غير الشرعيين، لتكون وحيدة، ويحرمها من كل وسائل الإتصال كالراديو، والتلفاز، والصحف، ولا يشتري لها إلا الكتب التي يؤمن بأفكارها لتقرأها، وكان يغلق عليها الباب بالمفتاح حين يخرج للعمل، وتحمل منه ببكرهما سعيد، ويرفض أن يأخذها للولادة في المستشفى لتنجب في البيت، وبعد الزواج بسنتين يعودان لزيارة الأهل لكنها تذهب الى بيت أهلها وتصر على طلب الطلاق. (فمن تتنازل عن حق ولو صغير من حقوقها المشروعة ستضطر أن تتنازل على طول الخط، لكن هناك أيضا حدا للصبر)
مأمون فتى شاذ جنسيا، ترك بلده وهاجر الى فرنسا حيث تزوج من رجل فرنسي وعمل عملية تحويل جنسي ليصبح اسمه ميمونة..
تتعرف صابرين على مهندس اسمه يونس الذهبي من عائلة غنية في رام الله، وتخلع الحجاب وترتدي الملابس على الموضه لترضيه، ويعرفها بأهله، وتخرج معه الى كل مكان لدرجة أنها حملت منه سفاحا، ثم طلبت منه أن يعجل بالزواج لئلا ينكشف أمرهما فيقتلهما أهلها، ويتجه أهله الى أهلها ويطلبون يدها، ويتزوجان، ويسافران لقضاء شهر العسل في الخارج، ويتوفى والدها في اليوم التالي لزواجها ولم يخبرها إلا بعد أسبوعين، وهناك التقيا بميمونة وتكتشف خلال حديثهم معا أنه ويونس كانا على علاقة مثلية معا، فتغضب، لكنه أسكتها بقوله أنها ليس لها أن تحاسبه على تصرفاته قبل الزواج، وعادا من شهر العسل، وصارت تحيى حياة رفاهية وحفلات وسهرات ورحلات، الى أن ولدت وذهبت لقضاء أسبوعين في بيت أهلها لتساعدها أمّها في العناية بابنتها جورجيت، وحين تعود فجأة تجده يخونها مع فتاتين في سريرها، فتترك البيت ويلحقها بورقة الطلاق مع الكثير من المال وسيارة وحضانة الصغيرة.
تتزوج عائشة الفتاة الصغيرة من زياد وليلة الدخلة اتهمها بشرفها لأن غشاء بكارتها لم ينفض، فلم تكن هناك إشارة تثبت شرفها أمام فكر المجتمع الذي يعتبر شرف الفتاة يكمن بين فخذيها، ولهذا السبب أعادها الى بيت والدها، وشهّر بها وطلب إمام الجامع منه أن يبقيها عنده مدة ثلاثة أشهر ثم يطلقها، ووتعيش معه كل الذل والهوان من ضرب وسخرية وغيره ومن أهله أيضا، وبعد طلاقها بفترة يحضر لها ابن عمها عريس يدعى فارس وهو أسير محرر في الأربعينات من عمره، وتتزوج منه وتحمل، ويوم ولادتها تكشف الطبيبة لهم أنها ما زالت عذراء لأن نوع بكارتها مطاطي، فتفرح أمّها وتعلن الأمر لكل الناس وتبين لمن ظلمها كم كان مجحفا في حقها، ثم تنجب ابنها الثاني.
المكان: القدس، السعودية، رام الله.
الأسلوب: كما عودنا الأديب جميل السلحوت فانه يكتب بأسلوب السهل الممتنع البعيد عن التعقيد والفذلكة اللغوية، ورسالته واضحة وجليّة في محاربة الجهل والتخلف.
من ناحية أخرى يعجبني في الشيخ جميل دمجه للتراث من خلال الأمثال الشعبية التي تتخلل الأحاديث خصوصا بين كبار السن، طرق التعامل بين الناس، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يستدل بها؛ ليثبت صحة القضايا التي يطرحها، وهذا برهان على سعة ثقافته الشعبية والدينية، واطلاعه على قضايا اجتماعية أغفلها كثيرون، لكن السلحوت كتب عنها بجرأة.
ملاحظات: من وجهة نظري أن الكاتب أخطأ في جعله من جمانة الشابة المتعلمة والتي من المفروض أنها على وعي كاف؛ لترفض أسامة حتى لو بالطلاق قبل الدخول، كون فترة الخطوبة فترة اختبار، ووالدها لم يكن ليتركها تتزوج منه بعد اكتشاف ما عرفته من أفكاره السوداء، وكان من الممكن أن يزوجه بعد ذلك بفتاة غير متعلمة ليبين الفرق بين المتعلمة وغير المتعلمة في مواجهة هذا الوضع.
الكاتب يسهب احيانا في سرد الأحداث والحوار الطويل بين الشخصيات، وكان من الأفضل أن يختصر فيها دون التأثير على أحداث الرواية.
أخيرا أبارك له هذا العمل الرائع وأتمنى له مزيدا من الصحة والعطاء.
عن حياة الكاتب
من مواليد القدس عام 1949م، درس اللغة العربية وآدابها، وله العديد من الروايات والقصص الهادفة للصغار والكبار، ومنشورات في الجرائد والصحف، وتم تكريمه من عشرات المؤسسات الثقافية في فلسطين وخارجها، عمل بالتدريس، وإصلاح ذات البين، كونه يعيش في بيئة عشائرية، وأسس العديد من المؤسسات الثقافية أشهرها ندوة اليوم السابع المقدسية في المسرح الوطني الفلسطيني مع عدد من الأدباء، والذي كان لي شرف التعرف عليه من خلالها عن قرب.
30-9-2020