همسات.. مع الرسالة 21 لقمر عبد الرحمن

بقلم: زياد جيوسي

وما زالت الكاتبة والشاعرة قمر عبد الرحمن تواصل بث رسائلها التي رافقتها منذ البدايات، فتأتي رسالتها رقم 21 والتي أتت بعد القصف الوحشي لغزة واستشهاد عدد كبير من المواطنين وخاصة الأطفال وهدم البيوت، فتثور روح قمر وهي التي تعيش في مدينة الخليل تحت الاحتلال الصهيوني الغاشم وهجمات المستوطنين التي لا تتوقف، مقابل صمود أسطوري في وجه كل هذه الهجمات القذرة، فنجد الكاتبة والشاعرة قمر تخاطب من هم تحت القصف وتحت الدمار، وهي ليست مخاطبة من برج عاجي كما نشاهد للعديد ممن يخاطبون من هم في قلب المعركة من منتجعات الراحة والاستجمام ببيانات الشجب والإستنكار، فقمر كما أسلفت تعاني في الخليل من الاحتلال كما نعاني جميعا في الوطن تحت الاحتلال إلا القلة من خفافيش العتمة الذين استمرأوا العبودية والذل مقابل مصالح ومزايا يمنحها المحتل لخدامه وعبيده.
لذا نجد الكاتبة تجعل العنوان للرسالة واضحا بعكس كل رسائل السابقة التي تبدأها بعنوان: “رسالة إلى..” ولكن هذه المرة عنونتها: “رسالة.. لمن يريدها”، فهي تعرف مسبقا أن الخانعين والعبيد لا يريدونها، والصامدون والمقاومون وحدهم من يريدونها، فهم وحدهم من يعرفون أن “النصر على بعد إصرار”، فالصمود والإصرار هو من يجلب النصر بعد الإتكال على الله، فتقول للمقاومين: “صدّقوا الأذان.. وصوت الله في القرآن”، لذا نجد أن شاعرتنا قمر تخاطبهم بالقول: “شرعوا صدوركم للنار”، وهي تدرك تماما أن أهل الوطن وحدهم بالمعركة وبنادق العرب يأكلها الصدأ فتقول للمقاومين ما بين المواربة والمواجهة بقولها: “لا تسألوا عن سند.. ولا تسألوا عن مجد” وتكمل المخاطبة: “ولا تبكوا البلاد العربية”، وتقول لهم من قلب مشاعرها: “لا تصدقوا كذبة الصديق” وتقول لهم أيضا: “دعوا كل من خذلوكم.. ودعوا عنكم الأسئلة” فليس أمامكم سوى أن “انهضوا وقدروا المسافة، بين الوطن والقيامة”، فهي ترى أن “الموت قرين الأحرار”.
تواصل في نصها مخاطبة الأحرار المقاومين بعبارات مازجت ما بين القوة وما بين الجمال بالمشاعر كما قولها: “إصعدوا للسماء..صيروا سحاباً وغيمة” فالسماء رمز النقاء حيث لا يوجد فيها “شجب ولا كذب في السماء ولا ضحية” ومنها يأتي الله بالمطر من خلال السحب والغيوم، ومن بينها نسمع هزيم الرعد فتطلب منهم: “اصرخوا بصوت الرعد على عدوكم”، فهناك على الأرض من ينتظر هطول المطر “مطر النجاة من الخيبة”، ففي الصمود والمقاومة “كل الأسئلة تسقط عند اتخاذ القرار” والثبات هو القرار “فالبحور تحترم ثبات الشطآن” وليس أمامكم إلا أن تــ”شرّعوا صدوركم للنّار”، فعندها فقط “تكتشفوا السماء” فالأرض تبقى “أرض القصيدة، وهناك موطن الحرية”، فــ”الزهور لا تموت إذا حل الليل” ففي هذا الزمن الذي يحاصر به المقاومون في بقعة صغيرة من الأرض من العدو وممن يلعقون أحذيته، يكون النصر للثبات “فلا ينتصر الحب إلا في زمن الأحذية”.

رسالةٌ.. لمن يريدها!
قمر عبد الرحمن

شرّعوا صدوركم للنّار
وامشوا نحو قبلة الرّوح
فالنّصر على بعد إصرار
شرّعوا صدوركم للنّار
وزفّوا أولادكم، وارقصوا بالنّعوش بين الرّصاص
فالموت قرين الأحرار
شرّعوا صدوركم للنّار
ولا تسألوا عن سندٍ.. ولا تسألوا عن مجدٍ
ولا تبكوا البلاد العربيّة

اصعدوا للسّماء.. وصيروا سحابًا وغيمة
ثمّ اصرخوا بصوت الرّعد على عدوّكم!
واهطلوا على المنتظرين.. مطر النّجاة من الخيبة
فلا شجبٌ ولا كذبٌ في السّماء ولا ضحيّة
دعوا كلّ من خذلوكم.. ودعوا عنكم الأسئلة
انهضوا وفكّروا.. انهضوا وقدّروا المسافة
بين الوطن والقيامة
عندها تسقط الأسئلة
.. كلّ الأسئلة تسقط عند اتخاذ القرار
لا تصدّقوا كذبة الصّديق
! واتخذوا أنفسكم وقت الضّيق!
فلا ينتصر الحبّ في زمن الأحذية!
لا تصدّقوا الكمان.. ولا إشاعة الأمان
صدّقوا الأذان.. وصوت الله في القرآن
وحاولوا ألا تغرقوا.. وثوروا
فالبحور تحترم ثبات الشّطآن!
والزّهور لا تموت إذا حضر اللّيل
! والجذور لطالما مدحت صعود الأغصان!
شرّعوا صدوركم للنّار
لتكتشفوا السّماء
فهنا أرض القصيدة
وهناك موطن الحريّة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى