العولمة بين الواقع والمأمول
محمـــود الحسيني | كاتب مصري
مما لا شك فيه اننا نعيش الآن في عصر طرأت على الأسرة مستجدات ومتغيرات، واصبحنا فى زمن العالم كله قرية صغيرة بلا حدود وبلا حواجز، ورغم كل ذلك لا تزال الأسرة هى العمود الفقرى فى المجتمعات رغم التطورات والتغيرات الهائلة التى أثرت تأثيرا ضخما فى علاقة الأبناء بالوالدين، ورغم حدوث عدة فجوات فى هذه العلاقة إلا أنه لا يزال الوالدان هما ركنا الأسرة وأساسا مجتمعهما والمجتمع ككل.
ورغم أن هناك مقارنة دائمة بين الأسرة فى الماضى والحاضر، حيث كانت الأجواء العائلية فى الماضى أكثر ألفة وتراحما وتقاربا ونقلا للخبرات والمعرفة والحكمة، الا اننا أصبحنا أمام اتهامات متبادلة ، فالآباء يشتكون من قلة المشاعر والاحترام والعناد والعصبية، وانعدام التواصل والاتصال، فيما يشتكون الأبناء، أن الآباء “دقة قديمة” بعيدون عن مفردات عصرهم
وما بين هذا وذاك تظل “العولمة” ببصمتها السلبية والإيجابية ظاهرة عصرنا هذا وواقعا حتميا لا بد من العيش فيه والتعامل بمفرداته ومستجداته وإلا كلا الطرفين سيخسر، لأنه مهما كان الحال تبقى وستبقى تربية الأبناء من أفضل الأعمال والقربات إلى الله عز وجل.
فيجب الحذر كل الحذر من تأثيرات تلك المستجدات، فعلينا نحن الآباء أن نعلم أن هناك مسئولية تقع على أكتافنا مهما كان الحال، ونعلم أن مكمن الخطورة الحقيقى فى الابتعاد والانشغال عن أبنائنا، وعلينا أن نعلم أيضا نحن معاشر الآباء أن الأبناء فى النهاية هم أمل ورجاء المستقبل، فبهم تُناط الآمال وبهم تنهض الأوطان.
ونقول للأبناء، لا تأخذون من المعاصرة والحداثة ذريعة لتصرفاتكم وأفعالكم، فسيظل الوالدين هما الجذور التى تربطكم بالحياة، فهما الأغلى على الإطلاق، فالصديق له بديل، والأخ يعوض بأخ، أمام الوالدين فلا بديلا لهما مهما حييتم.