الجحيم

د. أحمد جمعة

الجحيم
بات المكان الوحيد
الذي يسع
الجميع؛
لأن ابتساماتنا الناصعة
التي رباها لنا آباؤنا في ملامحنا
صارت تنعكس عن مرآة الواقع
مكسورة
فتقع في بئر
الألم..

طفلة بين جدران البراءة
تحشي عروستها
بأحلامها؛
لأن القطن صار لونه
كاذبًا،
وطفل عند الناصية
يبيع التين
لم يعد يؤلمه الشوك؛
قد صرف حواسه
امرأة تمشي منحنية
من حمل أنوثتها الثقيلة على ظهرها
هاربة من كلاب السكك،
أمٌ تحمل كيس دموعها
متعكزة على أنينها
ذاهبة لتروي وردتها الوحيدة التي
قطفتها من حضنها -عنوة-
الحرب
وغرستها في حديقة
الشهداء،
وأبٌ مثل صبّارةٍ
تيبّس على كرسيه الهزار
مذ لم تعد تصل جذوره الغائرة
قطرة
حنان..

يعودون الذين لم يذهبوا
من إغماضاتهم
منهكين؛
لأن ذئب الحاجة
يهرول -لا يكف-
في سيقانهم النحيلة
التي براها لهم رصيف
الجوع،
يستيقظون الذين لم يناموا
لأن وحشًا
يقف لهم عند ناصية كل حلم
يفترس أنسهم..

الجحيم
المكان الوحيد الذي نلتقي فيه
بكل أحبابنا؛
لأن الواقع العليم
قد أعمل مقص الانشغال
في كل خيط يصلنا
بالآخرين!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى