خرق السفينة

د. محمود رمضان | مصر

لا تخرقوا السفينة أيها الخلان!
اليَمُّ عميق
والمجداف عتقه الزمان
العواصف آتية
والإعصار يدمر الشطآن
التيه يداعب الغيم الحزين
فإذا بكى أصاب الأرض المخاض
فولد ألف سيل وسيل
من الرحم الصوان

الموج يلاطم أخشاب السفينة
كالدب
حين يعبث بفريسته
يقضم الأوصال بالمخالب
وهو السجان

الأصوات ناعقة
والأبواق تؤرق مضاجع الجُمَانُ
المراسي تنتحب الشتاء والأمان
عاصبة طرف الرداء برأسها
تمنطق الهواء بسترها
سقطت أوراق التوت الحسان
فتبوأت موقعاً في الدرك الأسفل
خارج الجنان

أين الحنان الذي أغريتني به والضمان؟!
أين طعام صغار العصافير والحيوان؟
كيف لها أن تحيا والظمأ آفة الحيران؟!
وابن آوى يتلذذ بالحمام والسمان!
يطرب بزقزقة النوارس
يعد العدة للغداء الأتي
على الموائد الصخرية
والحفل عظيم الشان

يجمع أقران الغابات والقردة الشجعان
يتقدم الحفل خنازير البرية الدوان
إلا خنزيرة متمردة قُبَاعها الخسران
لا يعجبها الصنفان
لا أنغام الحرية تنشدها
ولا أستار الأحرار من بني الإنسان
هيهات..
هيهات..
إن يشبع نهامها الرمان!
ظمأت مُذ القحط الأول
حين كانت ترتدي الكتان
لا نعال تقي الحفاة في سيرهم
والرمال تكشف الأثر والرهان
الشدائد تصهر معادن البشر
تزن الأصيل بالمكيال الشريف
ويرجح بفعله كفتا الميزان
أما من ابتلى بغير الطهر
حتما يسقط قدره كالديدان

أيها الربان!
كُن بخير..
خاطب الناس على قدر عقولهم
حطم الخزعبلات الواهية بسيف البيان
هذا الخطب عظيم
يشتعل رأسه وينفث الدخان
فلا تصم القلب والآذان
خاطب الكل بفصيح القول واللسان
لا تؤجل اللقاء لأجل ثان
أيها الشريف!
أزل الغموض وأطلق للعلا العنان
قل لمن في السفينة:
لا تخروقها بأيديكم
فتميل بكم
كميل من تاه عقله أو الغرقان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى