شيخ الشيوخ.. في رثاء فقيد الأمة الإسلامية العلامة الشيخ يوسف القرضاوي
شعر : هلال السيابي | دبلوماسي عماني سابق
أتسير بالشٌُهب الركاب
وتميل للحفَر الهضاب
|||
ويغادر الأفقَ الضياءُ
كما يغادره السحاب
|||
أتراه قد عقٌَ التمائم
وانقضى ذاك الشباب!
|||
وانفضٌَ سامرُ عليةٍ
إثرَ الشهاب مضى الشهاب
|||
تبكي رحيلَهم الأعنٌة
والأسنٌة والحراب
|||
ومحابر سالت بأدمعها
المناكب والرحاب
|||
ومنابر من بعدهم
أخنى عليها الإضطراب
|||
أما المحاريب الكرائم
فهي من ألقٍ يباب
|||
ناحت لرحلتهم
ولجٌَ بجفنها الدمع المذاب!
|||
يا ليت شعري ما أقول
لهم وقد قُضيَ الكتاب!
|||
سارت هضابهم فقل لي
كيف تحملها الركاب
|||
أم كيف تنزل للقبور
الشهب ذاك هو العجاب!
|||
قد علٌَمتني الحادتات
بأنما الدٌنيا كِذاب
|||
تزهو وتعبس وابنُ آدمَ
من شمائلها مصاب
|||
لا تستقر به وإن
حابى فاوجهها غضاب
|||
أو رامها حللا منشٌرة
فعقباه التباب
|||
يا ويح نفسي كم أساورها
فيعجزني الضراب
|||
ولكم أحاول ما أحاول
وهي ياويحي سراب
|||
لا ترتجى الأفعى وقد
برقت بها عين وناب
|||
وتحفزت نحو الوثوب
وسال من فمها اللعاب
|||
طبع الحياة فلا تغرٌَ
بخلقها فهو النٌّهاب
|||
أو فاسأل القمرين كيف
عرى ضياءهما الغياب
|||
ورمى المحاق صباهما
ورماهما الأمر المراب
|||
ما ذاك إلا أنه
حكم من الباري يجاب
|||
خلق الخلائق للعبادة
لا مراءَ ولا ارتياب
|||
وله البقاء لوحده
ولخلقه هذا التراب!
|||
قف بي على هذا الأديم
فإنه ذاك الكتاب!
|||
حفلت به الآيات زُهرا
لا يغطيها الحجاب!
|||
وكأنها الأعلام قد
شمخت بها الخيل العراب!
|||
تهدي الحيارى للحقائق
لا يخالطها ارتياب
|||
بالله يا هذا الأديم إلى
متى العيشُ السٌراب
|||
ولِمَ الحوادث والخطوب؟
أما لها قفل وباب
|||
لا بل متى – يا ابن الحياة –
يكون للخلق الإياب
|||
حدٌّث فقصتك القديمة
كلها أمر عجاب!!
|||
كم من شهاب قد خبا
ما فاته منك الحساب!
|||
ومتوٌج عالي الجناب
خلا برحلته الجناب!
|||
و غضنفر واري الزناد
نعاه أشبال وغاب!
|||
بالأمس كان هنا ابن
عبد الله والصفو اللباب
|||
العالم العلم المجلي
والغضنفرة المهاب
|||
شيخ الشيوخ وإن يكن
أخطا، فمن ذا لا يعاب!
|||
وسنا الكتاب وسرٌُه
أيان ينتسب الكتاب
|||
ملأ الخواطر والمسامع
ثم صاح به الغراب!
|||
بالله ياشيخ الشيوخ
ومن هو الليث الغِلاب
|||
إن تنأ ما بين القبور
فبعض مقبرة قباب!
|||
أو تنأ عن دنيا الأنام
فإن دنياهم خراب
|||
حقٌُ الأهلة أن تكون لها
إلى الأفق انتساب
|||
لا ترتضي هذا التراب
وإن يك الأصل التراب!
|||
عفوا أيا شيخ الشيوخ
فما مع الموتى عتاب!
|||
جابت فتاواك الديار
كأنها البيض الحراب!
|||
تدعو إلى ساح الجهاد
وكان ذاك هو المصاب!
|||
ياليتها كانت لما
سارت بمنهجه الصحاب!
|||
أو ما رأيت الشام كيف
عوت بها تلك الذئاب!
|||
أجهاد من حقاً، ومع منْ
أيها اليمٌُ العباب
|||
كشفَ ابنُ جاسم للخفيٌّ
فلم يعُد ثمٌ ارتياب
|||
بل إنه كشف الحساب
و من تناوله الحساب!
|||
ياليت بعدُ رجعت للتصويب
أم عيٌ الخطاب
|||
ما كنت يوما بالعيي
فأين مقولك المهاب!
|||
هلا انبريت وقلت رأيك
بعدما بان الصواب
|||
ماذا جوابك إن سئلت،
أليس يعييك الجواب!
|||
لكنها الدنيا وإن حسنت
فصورتها كِذاب!
|||
شيخ الشيوخ تظل بدرا
ليس يحجبه السحاب
|||
من ذا ينافسك المقام
وأنت للدنيا شهاب
أو من يطالبك البراز
وقد بدا ظفر وناب
|||
هذي الرحاب جميعها
قد هدٌ بيضتها انتحاب!
|||
فاهنأ بمضجعك الكريم
فإنه حُقٌ المآب
|||
ولتلق ربك هانئا
كالسيف يحضنه القراب
|||
غفر الإله لنا جميعا
حينما يأتي الحساب!
مسقط ٣٠ من صفر ١٤٤٤هجرية – ٢٦ من سبتمبر ٢٠٢٢م