اضطراب المعالجة الحسية في الفيبروميالجيا ومتلازمة الإرهاق المزمن
د. أيمن يوسف
استشاري الأمراض العصبية والصحة النفسية والتأهيل
استشاري الفيروميالجيا ومتلازمة الإرهاق المزمن
لم يلق اضطراب المعالجة الحسية كعرض محوري ومعيق في متلازمة الفيبروميالجيا ومتلازمة الارهاق المزمن التحليل الكافي نظرا لطغيان اعراض الألم المتفشي في تلك المتلازمتين بجانب عرض الإرهاق والوهن شديدي التأثير،بعكس الاهتمام بهذا العرض في حالات مثل التوحد او نقص الانتباه وفرط الحركة، حتى بات اضطراب المعالجة الحسية أو اضطراب التكامل الحسي هو خطوة التعافي الأولى في حالات كحالات التوحد ومتلازمة اسبرجر، وهو الأجدى لتتبعه ومحاولات ادارته من قبل مصابي الفيبروميالجيا ومتلازمة التعب المزمن حيث ان اضطراب التكامل الحسي في تلك الحالات هو الاعمق تاثيرا وتهديدا عن باقي الاعراض المتشعبة.
واضطراب المعالجة الحسية اختصارا هو حالة من حالات فشل الجهاز العصبي في تلقي الرسائل الواردة من خارج الجسم عن طريق الحواس حيث تتداخل قدرة الجسم في معالجة المعلومات التي يتم تلقيها بواسطة الشم واللمس والنظر والسمع والتذوق، او التي يتم تلقيها من داخل الجسم عن طريق المستقبلات الحسية في العضلات والاوتار والمفاصل وعن طريق الجهاز الدهليزي، مما يفقد الجسم احساسه العميق بموقعه في المحيط وما ينتج عنه من عدم قدرة على الاتزان او الوقوف باستقامة او الإمساك بالاغراض اوالثبات على وضع جلوس او البدء في التحرك والتسلسل الحركي المعتاد، وهذا الخلل الحركي الشامل لابد من تقسيمة الى قسمين رئيسيين حتى يتثنى تأهيل المصاب وفقا لنوع وشدة الاعراض، الأول متعلق بخلل الوضعية أي المحافظة على استقامة الجسد خلال تموضعه مما يؤدي الى عدم الاتزان بين العضلات والضعف الشديد والسقوط المستمر في أوضاع الثبات، اما الثاني فمتعلق بصعوبة ترجمة المعلومات الحسية الى حركات جسدية، وتظهر هنا صعوبة في الأداء الحركي او تأخر في تنفيذه سواء على مستوى الحركات الكبرى كالمشي، او مستوى الحركات الصغرى كالامساك بقلم او المضغ او تحريك الفك للكلام.
أما فيما يتعلق باضطراب المعالجة الحسية الواردة من الخارج عن طريق الحواس فيتم تقسيمه ما بين فرط استجابة حسية، وضعف استجابة حسية، وشغف او حث حسي، في النوع الأول تظهر ردود فعل شديدة وحادة نحو الأصوات والاضواء والروائح ودرجات الحرارة وعناصر المناخ والبيئة، وربما هذا العرض هو السائد في الفيبروميالجيا ومتلازمة الإرهاق المزمن نظرا لارتفاع مستويات الجلوتامات في القشرة المخية، اما في ضعف المعالجة الحسية فتتأخر ردود فعل الدماغ نحو المثيرات المحيطة مما يعرض المصابين لكثير من المخاطر إذا ما تم تعرضهم لمصدر حرارة من جسم ساخن على سبيل المثال او تعرضهم للاصطدام او ما الى ذلك، ويبقى الشغف او الحث الحسي وهو النوع الأخير في اضطراب المعالجة والتكامل الحسي حيث يعد مخرجا لكثير من المصابين عند الوقوع في لحظات ما بين ضعف المعالجة الحسية الشديد وبين الرغبة العميقة في الخروج من هذا الوهن الحسي وهذا المأزق، فيبحث بذاته عن مثيرات حسية عن طريق اللمس او الشم او التذوق او الاستماع او النظر من اجل تكوين سيالة عصبية وتدفق عصبي يساعده في فعل الأداء الحركي من اجل أداء الوظائف اليومية، وتكمن خطورة وأزمة هذا النوع في دخول بعض المرضى دوائر ادمان بعض العادات والسلوكيات المرضية او الخاطئة المؤذية لهم، او في ادمان بعض المواد التي لها تأثيرها الضار على الخلايا العصبية على المدى المتوسط والبعيد وان كونت مثيرات حسية لحظية ساعدت على إتمام بعض الوظائف.