استمع واقرأ للأديبة شريفة السيد في قصيدتها: أنا لا تشابهني امرأة

 

كالعمرِ أمضي في حياتكَ لا رجوعْ
وأُمرُّ كالضوءِ المراوغِ في المدَى حين الخشوعْ
أنا لحظةٌ أنا فرصةٌ
عندَ انتهاءِ بريقِها لا تنفعنَّ إذنْ دموعْ
|||
أنا ما بدأتُ لأنتهي
أنا لمْ أزلْ في طـَوْرِ تكوينِ الأنوثةِ بينَ جدرانِ الرَّحِمْ
أنا لمْ تلدْني بعدُ أمْ
مخبوءةٌ بينَ العطورِ المُثقلاتِ بنشوةِ الوجدِ العَفيّْ..
بينَ التشظِّي
عندَ مُفترقْ الجنونِ وعندَ وشوشةِ البَخورِ
لمَنْ تمخَّضَ حُلمُها وعدًا حَيـِيّْ
خمريةُ النَّبضاتِ تابتْ جبهتي مِنْ قبلِ قبل التنشئةْ
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
|||
تاريخُ أشواقي أنا لا ينتهي..
متجدِّدٌ مهما أطاحَ بهِ الوهنْ
خمسونَ حُزنًا أفحموا غيري أنا
ســــــتون حُزنًا ضد أحوالِ الزمنْ
لمْ أُغلقِ الأبوابَ في وجهِ البراءةِ حين جاءتْ منْ حدودٍ شائكةْ…
أنا للحدودِ مباركةْ
|||
أنا أمضغُ الوقتَ الكسولْ .. وأكسِرُ الصَّمتِ الخجولْ
وأنحني لأخيطَ منهُ سوسناتٍ يانعاتٍ في الحقولْ
قلقي لُحافي إنْ استطالتْ تحتهُ قدمايَ أيضًا يستطيلْ
ويفكُّ قيدي عقدةَ الزمن البخيلْ
تخيلوا: أنا لامتطاءِ الحُلم ليلاً لا أميلْ
وبجَعبتي
ســـــــبعونَ وهمًا صغتـُها أعطيتـها اسمًا واحدًا المستحيلْ
ناريةُ الخطواتِ أسكُنُ سدرةً مسفوكةَ الدَّمِ
واكتشفتُ اليومَ أني السَّافكةْ
تتشابهُ الفتياتُ في بُستانها
لكنني سأظلُ وحدي الواثقةْ… وأظلُ وحدي الرائقةْ
وأظلُ نهبًا للظروفِ الطارئةْ
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
|||
أنا لا أمرُّ على الأمورِ رفاهيةْ.. أنا داهيةْ..
أتشمَّمُ الحُزنَ البهيّْ
أرتـِّبُ الوجعَ الذكيّْ… أُعدُّ نفسي للغيابِ العبقريّْ
أنا لا أمر كعابرةْ… أنا ماكرةْ
أنا أجمعُ الآهاتِ من تحت النوافذِ كي أُشـَبِّكُها حُليا مزهرةْ
أتسوَّلُ القفرَ المُدَمَّى كَيْ أُحيلَ رمادَهُ نغمًا نديّْ
وأزرعُ الأفقَ انتصارًا سرمديّْ
وأغلفُ الهرمَ الكبيرَ بأمنياتي الهادئةْ
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
|||
يا سيّدي
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
أنا ظامئةْ
لجميعِ أنهارِ الحياةِ…. لكل أوديةِ الشتاتِ… إلى الجروحِ الناتئةْ
ثوبي بياضٌ… ليس يخدشهُ اختراقُ العابرينَ وإنْ تمكَّنَ شيخُهمْ
اليـُتـْمُ يشبهُني أنا
رغمَ ازدحامٍ يستلذُّ بوحدتي المُستمرأةْ

أنا للطلاسمِ قارئةْ
أستكشفُ الآتي إليَّ
فأزُمُّ كلَّ حقائبي
وأحُطُّ فيها كلَّ آلامي لكيْ تُدمِي يديّْ
وأغلـِّقُ الأبوابَ دوني
أكتمُ الألقَ الفتيّْ
سَلِمتْ يدا حُزني الذي في لحظةِ الترحالِ عرَّفني عليّْ
أنا أكتبُ العبراتِ حتى لوْ بدتْ متواطئةْ
وأجيءُ بالبرقِ العفيِّ مفاجئةْ..
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
|||
العزمُ يعشقـُني أنا..
فيحُطـُّني في أولِ السَّطرِ الطويلِ الأسئلةْ
وعلامةُ استفهامِ تقفزُ لا تملُ المهزلةْ
وهزائمي تقفُ انتظارًا في مطارِ أنوثتي
(ماراثون) هناكَ علَى موائدِ رحلتي .. ماراثون قويّْ..
بين انشطاري واحتفاظي بالشموخِ تطلعًا برماليَ المتحركةْ
وعواصفي تمتدُ تقصفُ خيمتِي المتهالكةْ
فتشـُدُ أزري أزمتي وتشـدُ أزري قوَّتي ملفوفةً بندَى معاركِ رِقـتي

مرآةُ قلبي ترمُقُ الكُحلَ الـ يُكَملَ زينَتي
وتمدُّ لي قلمًا لأرسمَ حُمرةً في وجنَتي
أسفي لها يرتاحُ مُتكئًا على طرفِ احتضارِ أنوثتي
فتهُبُ كلُ حضارتي
ويهبُ تاريخي المُسجَّى في كهوفِ وسادتي
ومُدافعًا عنِّي يمرُّ على الدُروبِ الشائكةْ
ويلُفـني بحدائقِ الصَّبرِ الوفيّْ
وأعودُ يأكُلُني الضَّبابُ وما قبلتُ التجزئةْ
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
|||
أنا يا حبيبي لستُ أجلسُ قاعدةْ… أنا صاعدةْ
أتنفسُ النفسَ الصَّعودَ بأنفكَ الــ يُحيي مَمالكَ هالكةْ
هو صالحٌ للشربِ حتى أنني استخدمتُه ماءَ الوضوءِ بهِ أنا متوضئةْ
أنا قهوتي مِنْ لونِ صوتكَ في الصباحِ البابليّْ
خُبزي كذلكَ حكمةٌ هجرتْ نظامَ العقلِ حتى أُرهقتْ فتدحرجَتْ قـُبَلاً عليّْ

أنا لا أجيدُ العزفَ لكنْ كم عزفتـُكَ يا حبيبي في القصيدِ وفي القصصْ
أعطيتـُكَ الدورَ البطولةَ، والأماكنَ، والزمانَ، وكل كل حكايتي
أصبحتَ أنتَ قضيَّتي وبكَ احترقتُ وذقتُ طعناتِ الغرامِ الفاتكةْ

صُغتُ احتلالَكَ لي دهورًا رغم أنفَ الواطئةْ
وختمتُهُ بمفاوضاتٍ تستبيحُ مبادئَهْ
أنا لا تُشابهُني امرأةْ
|||
أنا مَنْ تزيَّنَ سيفُها بالنُبلِ في وقتِ الحِممْ
فتهندستْ فيَّ الخناجرُ لمْ تدعْ حتى القَدَمْ

نامتْ خيولـُكـَ في جزيرتي التي كالدَّهرِ تسبحُ في القِدَمْ

وتزامنتْ مع كل سحري والحبور وثورتي

صدَّقتُ بي أكذوبتي
ووقفتَ ترقصُ عندَ نهري لا تملُّ مرافئَـهْ..
وأكلتَ وردي نيئـا مِنْ نيئَـةْ
أنا لا تشابهني امرأة
|||
عشتارُ تقسمُ إنني في الخصبِ كنتُ البادئةْ.
أرضي يليقُ بها حضورُك يا عبيرَ ملائكةْ..
يا روعةً تهدي إليَّ سنابلاً بل أوكسيجينًا ينقذُ الصمتَ المديدْ
كيمياءُ ذاتي جازفتْ وتعلقتْ بدبيبِ صمتكَ بينما هوَ لا يريدْ
حسبي لقاؤكَ لحظةً أو ما يزيدْ
يا سيدًا يمشي بقلبي مشيةَ العبقِ العنيدْ
أنا منكَ أُخلقُ من جديدْ
أبديةُ الآهاتِ تمطرُني شموسُكَ قهقهاتٍ ترفعُ الوجعَ المُدمَّى مِنْ سجلاتِ الزمنْ
أنا فيكَ أقسمُ لا مِحَنْ
أنا فلسفاتٌ مارقاتٌ في ذُرَى أنقَى نشيدْ
أخطُو بكلِّ العنفوانِ على جسورِ التهلُكةْ
كي أزرعنّك سهرةً ورديةً عُمْقَ الرِّئةْ
مصباحيَ المفتوحُ شباكًا عليكَ وإن مضَى دهرٌ فلا لنْ تُطفئَهْ
أنا لا تُشابهُني امرأةْ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى