في الكلام اللامباح.. لماذا نصر على الحوار مع من يرفضنا ويحتقرنا؟
حياة الرايس | أديبة تونسية
حوار الثقافات وموجة الكراهية التي تجتاح الغرب تجاه العرب
إعادة اكتشاف العالم الايبرو/ أمركي
كتب الشاعر الإسباني “فيا لياسبيزا ” الذي عُرف بحبّه وحنينه للأندلس والذي يفتخر في كثير من قصائده بانتسابه إلى الأصل العربي ويرى ان كل ما في الأندلس يمتّ الى العرب بعديد الصلات.. كتب في المقدمة الى وضعها للترجمة الاسبانية لملحمة ـ فوزي معلوف ـ الشهيرة ” على بساط الريح ” يقول: ” اننا لو انتزعنا بعض الكلس عن جدران كنائسنا لوجدنا تحته لمحة من هبة لإسم الجلالة الأقدس المحفور بالمرود الكوفية.
كما إننا لو خدشنا بالأظافر بشرتنا الأوروبية الصفراء لبرز لنا من تحتها لون بشرة العرب السمراء.. إن قوميتنا الغربية ما هي الا الواجهة الظاهرة وأما القومية العربيّة فهي حقيقتنا الخالدة ”
هذا القول يذكرني بقول آخر مناقض له تماما للمستشرق البريطاني “جورج ارويل” في وصفه للعرب عند زيارته لمراكش عام 1939:” من الصعب دائماً أن تصدق أنك تسير بين كائنات بشرية…هل هم حقاً اللحم نفسه الذى هو أنت؟ هل لهم حتى أسماء؟ أم أنهم مجرد مادة سمراء لا متمايزة، أفراد بقدر ما للنحل أو حشرات المرجان أفراد! إنهم ينبعون من الأرض، يعرقون ويعانون الجوع لبضع سنوات، ثم يغوصون عائدين إلى أكوام المقابر التى لا أسماء لها دون أن يلحظ أحد أنهم ذهبوا، حتى القبور نفسها سرعان ما تنحل رجوعاً إلى التراب”
أمام هذه النظرة العرقية الحاقدة وما تستتبعه من دونية الشرق وتصغيره واحتقاره، حريّ بنا نحن العرب أن نراجع أنفسنا فيما يتعلق بالحوار الحضاري مع الآخر.
لماذا نصر على الحوار مع من يرفضنا ويحتقرنا؟ ولماذا لا نبحث عن فضاءات أخرى أرحب للحوار؟ مثل الفضاء الإيبروـ أمريكي. خاصة وانه فضاء له في مخيالنا مكانة متميزة وفي قلوبنا وقع خاص. لماذا لا نربط الصلة من جديد بين الفضاء العربي والفضاء الناطق بالاسبانية والبرتغالية مثلا في أوروبا وأمريكا اللاتينية؟ فالأندلس جزء لا يتجزأ ولا ينفصم من تاريخ العرب. بل هي جزء من وجدانهم ومصدر فخر لهم. وامتدادا للاندلس ظلت امريكا اللاتينية قريبة من قلوب العرب حاضرة في وجدانهم بما تركه المهاجرون الاندلسيون الى جنوب القارة الجديدة من بصمات في المدن والقرى التى استقروا بها ضمن جحافل المهاجرين الاسبان.
يجب البحث عن فضاءات أخرى للحوار غير اوروبا وامريكا خاصة وإن الحوار العربي ـ الأوروبي الذي بدأناه منذ عدة عقود مع الغرب لم يتمخض عن الكثير ممّا كنا نأمل. ومازال متعثرا بسبب موجة الكراهية التي تجتاح الغرب تجاه العرب و الاحكام المسبقة …
ويكفي ان ننظر في ملف الفيزا لنعرف كم فيه من اذلال وصعوبة ومنع واستغلال من طرف أوروبا للعرب.
هذا في الوقت الذي لم نسمع فيه عن اي جرائم كراهية ضد الملايين من اعضاء الجاليات العربية والمسلمة في الدول الايبروـ امريكية وهو ما يؤكد سماحة شعوب هذه الدول وموقفها المغاير للموقف الغربي.
وإني أتساءل مرة أخرى لماذا نظل نتهافت على عالم يرفضنا ونتجاهل عوالم أخرى مسالمة تجمعنا بها فوق كل ذلك وشائج قربى؟
ألم يحن الوقت لان نخطط لاستراتيجية حوار وتفتّح على هذا العالم؟ ونعيد اكتشافه ثقافيا وإقتصاديا وسياسيا بعدما ضاع منا إكتشافه جغرافيا ونسب الى غيرنا؟