صور شعرية غير مسبوقة في ” ألوان الحنين “
أحمد كنعان | ناقد
صدر مؤخراً عن دار ليندا للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق أول أعمال الدكتور أنيس رزوق وحمل عنوان “ألوان الحنين” وأول ما يلفت الانتباه ان الكاتب ذيل الغلاف الذي صممه الفنان وسيم شحودبكلمة نصوص ولعل في ذلك إشارة لمكانة الشعر العالية في ذات الكاتب التي تواضعت وتمنعت عن فرض كلمة شعر على القارئ مع أن الشعر ناصع الوضوح في تلك النصوص وهو يطمح أبعد من المعتاد في القصيدة ويدخل مساحات تجريبية فيها خطورة لكنها لم تعكر صفو المتعة ولم تنقص كأس التحليق في سماوات الصورة
نصوص لا تتعالى على القارئ
أعتقد أن السبب في ذلك هو أن هذه النصوص كما شاء كاتبها أن يسميها لم تتعالى على القارئ ولم تتكبر على احساسه أو ثقافته فهي سلسة وبسيطة ومنسابة وعذبة لا تؤلم العقل ولا تربك الروح وهذا لا يعني أنها غير عميقة المضمون أو غير متعددة المعاني إلا أنها نصوص لم تحتم بالغموض ولم تختبئ خلف تراكيب لغوية ملتبسة أوتائهة عن معانيها وقد يكون هذا هو ثاني ما يثير الانتباه.
صور شعرية غير مسبوقة
لكن الأكثر اغراءً في نصوص الدكتور أنيس رزوق هو الصور الشعرية المغرقة بالغرابة والجمال وغير المسبوقة ـ في حدود معرفتي ـ كمثل ما ورد في نص صديقتي القديمة “أرسمك صراخاً من أنين” وكذلك “أرمي إليك بوسادة من قُبل” وجاء في نص شآم “نامي على ذراع حلمي واستيقظي شمساً لا تغرب” وجاء في نص ساحرتي أنت “أشتاقك لأمشط أوردتي برائحة الحنين” وأعتقد شبه جازم أن صور أخرى ستدهش القارئ ولن أفسد عليه متعته بذلك كما أن مقال كهذا لا يستوعب الوقوف عند جميع الصور غير المسبوقة التي تضج بها نصوص ألوان الحنين.
شاعر يشبه شعره
عندما ناداه ألست القائل “الخيل والليل والبيداء تعرفني” وأجاب المتنبي “قتلتني يا فتى” وعاد ليكون القائل فعلاً وقتل وفرض نظرية أن الشاعر يجب أن يشبه شعره ولا يستطيع التملص من جمال كلامه وهذا ما لمسناه في شخصية الدكتور أنيس رزوق وهو المختصّ بالتخطيط الاستراتيجي والمقيم من زمن طويل في دولة الإمارات العربية المتحدة وزار دمشق ليقيم حفل توقيع لكتابه فعرفناه عدة أيام كانت كافية لاكتشاف شخصه الكريم والملتزم بكلمته مهما تغيرت الظروف وأيضا روحه الأنيقة واللطيفة والمحترمة المرحة والمحبة للضحك وهنا أجزم أن أنيس رزوق هو أجمل نص من نصوص ألوان الحنين وألوانه أعمق وأغنى وأنا أنتظر بنهم كتابه الجديد