على عَتَباتِ بَابَ النَّبِي
شعر: أحمد بن هلال العبري | سلطنة عمان
ألقيتها في حفل ملتقى ني الرحمة بذكرى المولد النبوي في مدينة زاهدان بجمهورية إيران الإسلامية
ما بينَ مَسبحَةٍ وبين حِرابِ
نَبضٌ لمُعتَكفٍ على المِحرَاب
|||
يَستشرِفُ الآفاقَ خَلفَ جَوارحٍ
ويُؤمِّلُّ البُشرى لفَتحِ البَاب
|||
وإذا تَجلَّى البَدرُ في هَالاتِه
فبِنُورِه سَأشقُ كلَّ حِجاب
|||
يُفضِي الفُؤادُ بفيضِه ولئِنْ بَدَت
سُحبُ السَّماءِ فَفيه فيضُ سَحاب
|||
وخُطاي في دَربِ المَدينةِ شُعلةٌ
لكنَّني أبقَي بطَيِّ تُراب
|||
في سُلّمٍ مَهما ارتَقتْ أضْواؤه
تَعلو الذُّرى وأنا على الأعتَاب
|||
وأرَى بها بين اﻷنامِ مُحمَّدا
شَمسا عليها دَورةُ الأقطاب
|||
آهٍ على ذِكْرِ الحَبيبِ بقَلبِنا
فبِدُونِه لا وَصْلَ للأحبَاب
|||
آهٍ لكَفٍّ من فُيوضِ سَخائِها
نِعمٌ على اﻷعداءِ والأصحاب
|||
هَطَلت سَحائبُ رَحمةٍ قد أنبَتَتْ
بينَ الضُّلوعِ مَدائنَ الأطياب
|||
قُرَشيُّها سَاواه فيها عَبدُه
والفَارسِيُ بهَا أخٌ لخُبَاب
|||
أخلاقُ زَمزمِه تُروّي أُمَّةً
من بعدِ أنْ غَسلَتْه من أوصَاب
|||
ومَضَتْ قَوافلُها تُنِيرُ عَوالِما
ما بينَ أندَلُسٍ إلى البِنْجَاب
|||
تَتَضَوَّعُ الدُّنيا شَذى لعَبيرِه
ويَلذُّ شَهدُ كُؤوسِه بشَراب
|||
فبه الدُّنا تَخضرُّ مِن أقدَامِه
ويَفيضُ نَهرُ عَطائِه المُنساب
|||
وتَعَانقَتْ شَمسُ الوجُودِ بضَوئِه
وبَدا لمَقدَمِه ضِياءُ شِهاب
|||
فرَنَا له كلُّ الوجُودِ مَحَبَّةً
من كَوكبِ الشِّعرى إلى الأصلاب
|||
وتُسبِّحُ الأفلاكُ حينَ حَديثِها
مع قَطْرِ دَمعِ القَائمِ الأوَّاب
|||
كلُّ الدُّنا أضحَتْ مَآذنَ رَحمةٍ
بمُحمَّدٍ تَهدي لنُورِ صَواب
|||
كم عَاملٍ ما سَار يَطلُبُ رِزقَه
إلا ويَذكرُه معَ الوَّهاب
|||
أو رَاحلٍ تَاهَتْ خُطاه وكُلَّما
ذَكرَ الحَبيبَ دَنا ليَومِ إياب
|||
فهُو المَدى، مَددُ السَّناء لخَطوِنا
وذُرى العُلا في سُلَّمِ الأسبَاب
|||
مُتوحِّدون معَ الضِّياءِ إذا بَدا
ونتابعُ المَسرى معَ الطُّلاب
|||
(طَه) شَرايينُ الحَياةِ لأُمَّةٍ
تَحيا به في حَضْرَةٍ وغِياب
|||
وإذا الظَّلامُ أرادَ محوَ ضيائِها
وتَشِتَّتْ بتَعَدُّدِ الأحزَاب
|||
يَرنو لها نورُ النبيِّ مُحمدٍ
ما بين سُنةِ هَديه وكِتاب
|||
وتلوحُ دَعوتُه كغَيثٍ مَاطِرٍ
بالاعتِصامِ أيَا أولِي الألباب
|||
لنَصُفَّ خلفَ إمامِنا حيثُ استوى
نُورُ الصَّلاةِ لقِبلَةِ المِحرَاب
|||
ونَمدُّ يُمنَى ما نَمدُّ لإِخوةٍ
في الدِّينِ لا لأُخوَّةِ الأنساب
|||
وأَعَزُّ وَصْفٍ أنني ما بَينكم
(أنَا مُسْلِمٌ) عِوَضًا عن الألقاب
|||
وهُناك عندَ اللهِ كَشْفُ كِتابِنا
فنَرى الحَقيقةَ دونَ أيِّ حِجاب
|||
ونقولُ يا ربَّاه لُطفَك إنَّنا
تُهنَا (مَعاذَ اللهِ) بالأربَاب
|||
تُهنَا ولم نَحفَظْ أمَانةَ أحمدٍ
وعَدَتْ بِنا اﻵمالُ خلفَ سَراب
|||
وقَضَتْ يَسَارُ أكُفِّنا ليَمينِها
قَطعا بخِنْجَرِ شِرْعَةِ القَصَّاب
|||
والنارُ تَأكلُ كُلَّ حينٍ بَعضَها
وببَعضِها قد كانَ عودُ ثقاب
|||
يا سَيدي، والشِّعرُ لا حدٌ له
في حُبِّكُم كالمَاءِ والدُّولاب
|||
وشِفاءُ قَلبِ الآمنينَ بنَظرةٍ
في سجدةٍ تحلو على الأعتاب
|||
لرِضَاكَ يا مَولاي أَسكبُ عَبْرَتي
طَمَعا بدَمعِيَ أنْ يُزِيلَ يَبابي
|||
وكَمِثلِ جَنَّتِنا بحُبِك سَيِّدي
نَلقَى بحُبِّك جَنَّةَ الوَهَّاب