ذابت ثلوج الأكاذيب الغربية وبانت مروج الحقائق السورية
زياد شليوط – فلسطين
وأخيرا “ذاب الثلج وبان المرج” كما جاء في أمثالنا الشعبية. ذاب ثلج الأكاذيب التي ألحقت بالدولة السورية وبان مرج الحقائق والوقائع. ذاب ثلج المقاطعة العربية والعالمية والمؤامرة الدولية على سوريا، وبان مرج الثبات والصمود والصدق السوري. لم يكن الأمر مفاجئا بالنسبة لمن وثق وآمن بجوهر الدولة السورية وما تعرضت له من مؤامرة دولية، لعب فيها الإعلام الكاذب دورا مركزيا لتشويه صورة الدولة السورية وشيطنتها أمام الرأي العام العالمي. ومنذ البداية لم نخدع بالشعارات البراقة والكاذبة وعلى رأسها “الديمقراطية”، ولم نقتنع بالأفلام المفبركة حول الكيماوي وبراميل النار المزعومة، في الوقت الذي كانت فيه عصابات الاجرام الداعشية برعاية غربية وأموال خليجية تنفذ جرائم القتل والاغتيال بحق الأبرياء والمسالمين، وتدمر الاقتصاد السوري ومنشآته الحيوية، وتحطم الميراث الانساني والحضاري في سوريا العريقة باسم “الدين” والدين من كل ذلك براء، والاعلام المنافق يصمت عن جرائمها.
كثيرون راهنوا وخرجوا يتبجحون واثقين ومعتمدين على حلفائهم في الغرب وأجرائهم في الشرق، بأن أيام الأسد ونظامه باتت معدودة، وغامر البعض والبعض غالى، سواء في اسرائيل أو لبنان أو غيرها من المواقع، في التخمين والتأكيد بأن النظام السوري سيسقط بعد أسبوعين من بداية الأزمة المفتعلة. ومرت الشهور وتلتها السنون ونظام الأسد صامد في عرينه بين شعبه وفي أحضان جيشه العربي. وانجرت معظم الأنظمة العربية خاصة التابعة ومستلبة الارادة خلف تلك الدعايات المغرضة والأكاذيب المفضوحة واتخذت موقفا عدائيا تجاه الدولة السورية، إلى حد مقاطعتها وفصلها من عضوية الجامعة العربية (وما أدراك ما الجامعة العربية). وبقيت سوريا شوكة في حلوق أعدائها بصمودها أمام المؤامرات الكبيرة التي تعرضت لها. واستمرت سوريا متمسكة بمواقفها التاريخية ومبادئها العروبية ولم تتراجع ولم تقع فريسة للاغراءات من جهة أو التهديدات من جهة أخرى.
صمدت سوريا بفضل التلاحم الداخلي بين ثلاثية الدولة: الشعب، الجيش والنظام الوطني. وثبت أن المارقين الذين أوهموا الناس أنهم يتحدثون باسم الشعب، ما هم إلا حفنة خارجة عن إرادة الشعب، مأجورة للخارج ومتعاونة مع العصابات الارهابية الظلامية. وعاد المتآمرون خائبين بعدما فشلوا في إحداث شرخ داخل صفوف قوات الجيش العربي السوري، الذي انحاز بكل قوته إلى جانب شعبه ودولته مستلهما تعليمات قيادته الوطنية المثابرة. وصمدت سوريا بفضل الدعم اللامحدود من الدول الكبرى مثل روسيا والصين وايران، والدولالمستضعفة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، ودعم الشعوب وقوى التقدم والتحرر في العالم، التي أدركت حجم المؤامرة الكونية التي تعرضت لها سوريا، وأطماع الغرب الاستعماري الوحشي وعلى رأسه الولايات المتحدة، وبمساعدة اسرائيلية مباشرة للعصابات الارهابية التي عاثت في سوريا خرابا وتدميرا وقتلا.
وبعد دزينة من الأعوام اقتنعت غالبية الدول العربية وأطراف دولية عديدة أنها أخطأت بحق سوريا، ولم تجد ما تكفر بها عن أخطائها إلا مد يد العون لسوريا وشعبها بعد الزلزال المدمر الذي تعرضت له قبل أشهر معدودة، وكانت مناسبة لأن تتراجع من خلالها تلك الأطراف عن معاداتها لسوريا وعملت على اعادة العلاقات معها بعدما انقطعت طوال تلك الفترة. لم تتغير سوريا ولم تخضع لأي املاءات، لم تتراجع سوريا عن علاقاتها مع ايران وحزب الله وروسيا والصين وغيرها، لم تركع سوريا رغم حجم التآمر وكميات العتاد وأعداد المأجورين. بقيت سوريا على العهد وعاد الجميع يقفون على أعتابها منتظرين رضاها.
عاد الذين أخطأوا بحق سوريا وأساءوا لها بالأمس، ليكفروا عن خطأهم لسوريا اليوم. تراجع من عادى سوريا وتمادى في التدخل في شؤونها ونظام حكمها بالأمس، ليعترف بالواقع ويقدم الدعم للدولة السورية اليوم. ليس عيبا أن يعترف من أخطأ بخطئه، لكن العيب الاستمرار في ذلك عنادا كما يفعل بعض أبناء العروبة والقريبين منا، ممن ما زالوا يبثون الأكاذيب التي ثبت بطلانها، ويعودون على نفس الافتراءات التي افتضح أمرها، وهم ينهجون في ذلك وفق مقولة “عنزة ولو طارت”. سواء اقتنع أولئك أو لم يقتنعوا، تبقى الحقيقة الساطعة أن سوريا تجاوزت وتغلبت على المؤامرة الكونية بحقها، وهي تستعيد عافيتها ومكانتها ودورها، وعلى الحاقدين والمعادين لسوريا بغير وجه حق، أن يقتنعوا بذلك ويتعاملوا مع الواقع.