الأقلية المسكوت عنها من الكتّاب والمفكرين والمثقفين
بقلم: عماد خالد رحمة | برلين
ما تزال تعيش بيننا أقلية لها خصوصية، هي ليست أقليةً عرقية أو إثنية، ولا علاقةَ لها بالمَذَاهِبِ والطوائِفِ، ولم تسجّل السِجلاتِ والمدوناتِ وإحصاءات هيئة الأمم المتحِدَة،أو في إحدى موسوعاتِ الأقليات في العالمِ، كما أنَّ أفرادَهَا لا يتحدّثونَ لغةً واحدةً أو كتابةً محدّدة، إضافةً إلى أنّ هذهِ الأقلية موزعونَ في جميعِ أنحاء الأرضِ كالملحِ.
هذهِ الأقلية كانَ مسكوتٌ عَنها عَبرَ التاريخِ، وهي لا تعبِّر عن نَفسِها باعتصاماتٍ وتظاهراتٍ وتفاعلاتِ البروبغندا الإعلامية.
هذهِ الأقلية تتألّف من عددٍ قليلٍ منَ الناسِ على اختلافِ أعراقِهِم وأجناسِهِم وألوانِهِم وأديانِهم. إنّها الأقلية المسكوت عنها التي نَجَت من مصائدِ وكمائنِ العولمة واستحقاقاتِها. ومن ثقافةِ الاستهلاك، وهي التي أبقت للإنسان بعداً واحداً لا غير، وهو البعد المادي الذي تَحدثَت عنه الكاتبة والمفكرة الفرنسية، والفيلسوفة الوجودية، سيمون دي بوفوار في كتابِها الأفواه الفاغرة واللا مجدية.
إنها أقليةٌ مسكوتٌ عنها تعبِّر عن نفسِها بالكتابةِ الفكريةِ والثقافيةِ والفلسفيةِ والرسمِ والعزفِ والنحتِ، لكنَّ البَشَرَ انصرفوا عنها منذ أصبحوا يفكِّرونَ بما يسمعونَه،دون إعمالِ عقولِهِم .
لقد ساهم العديد من هؤلاء المسكوت عنهم من خلال تمردهم على سياسة الولايات المتحدة أمثال المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي. كما ساهم رفض الرجل الافريقي كل ما قاله الرجل الأبيض عنه وعن مزاياه كي يستغله إلى أبعد الحدود .
ومن هذه الأقلية العربية المسكوت عنها، كل الذين رفضوا الموافقة على كل تقارير الاستشراق التي تحدثت عنهم وعن تاريخهم وثقافتهم، من أجلِ خدمةِ الاستعمار الكولونيالي فقرَّروا التمسّك بهويتِهِم العربيةِ القوميةِ حتى لو أصبحت لهيباً من النارِ، فهي بالتأكيد لهيباً نارياً لكنها تعمل على تطهِير كل فشل التاريخ. هذه الأقلية تعمل بكل ما تملك من أجل الخير والمحبة، ومحاربة الفساد والمفسدين، يقاومون الرداءة والتفاهة والإنحطاط واغتراب الإنسان، هم بناة العالمِ وحرّاس الكرامةِ الإنسانية والمدافعينَ عن الشرفِ الأخلاق الساميةِ .