جنون العظمة

موسى محمد دبيش | اليمن
كلنا يعرف معنى الجنون وهو ذهاب العقل؛ فالمجنون ضده العاقل ومادة الحرفين الجيم والنون تعني الاختفاء أو الاستتار فهما يشريان إلى الشيء الخفي عن الأعين كالجن والجنين والجنة وجن الليل.. إلخ .
ولكن هنا أود الحديث عن نوع آخر من الجنون وهو الذي يكون صاحبه متمتعا بكل قواه العقلية ولايعاني من أي نوبات عصبية ولكن يسيطر عليه إحساس جارف بالعظمة ولذلك نطلق على هذا النوع من الجنون “جنون العظمة” وهو وهْمٌ كبير يبني صاحبه من خلاله  تصورات وأشياء بعيدة كل البعد عن واقعه الذي يعيش فيه وكأنها حالة هروب مقصودة من الواقع المعاش فيصور له وهمه وجنونه هذا بأنه الرقم الصعب في معادلة حياة من حوله يتصدى لكل المشكلات، قد يواجه احدهم ويضرب على صدره ويوحي له بأنه قادر على فعل كل مايلزم بينما هو لايستطيع فعل أي شيء.. فقط يريد الظهور ولاشيء غير الظهور وهذا النوع من الجنون قد لايضر صاحبه فقط؛ بل قد يصل ضرره إلى كل محيطه الاجتماعي من أسرته وجيرانه مرورا بحارته وزملائه؛ فأحيانا يتسبب في تعقيد مسألة ما وأحيانا أخرى يسبب الحرج وأحيانا يصيب أقرب الناس إليه بخيبة الأمل.

مثلا لديه ابن أو بنت وحصل له إشكال في المدرسة او الجامعة مباشرة تجده يقول أنا اعرف المدير أو العميد، بل وقد يقول بأنه صديق حميم لذلك المدير أو العميد فيذهب إلى المدرسة أو الكلية ويتضح للابن أو البنت بأن هذا الأب لايعرف أحدا بل وفي محاولاته إثبات تلك المعرفة والصداقة لابنه أو ابنته يزيد الأمر تعقيدا وإحراجا وخيبة أمل؛
ولايستطيع مجنون العظمة هذا تقبل أي نقد أو أي نصح من أي شخص لأنه لايريد الخروج من ذلك القصر المنيف المبني من الأوهام المنمنم بالأمنيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى