بوكيه ورد وحافظة أوراق

قصة: أميرة محمد عبد العزيز | القاهرة 

بعد مرور شهرين وستة

 أيام على آخر مكالمة هاتفية بينهما انهاها هو.. خلصت على كده خلاص، شوفي حياتك، ..

عبارةُ لم تستطع إحتمالها ولم تعيها أُذُنها حتى عقلها لم يستوعبها كاد قلبها من قسوتها أن يُقتَلَعُ من صدرها..

نطق لسانها الذي عُقِدَ وقتما سمع كلامه، لا بل هي طلقات رصاص مسدسه خرجت من فمه لتُصيب قلبها.

هي له.. بتقول إيه..!! 

هو.. يقول لها إبعدي عني مش هننفع لبعض.

هي وصوتها مخنوق بالدموع.. لم تفهم ماذا يقصد..!

” تلك هي الصدمة التي تُفقد التوازن والقدرة على التفكير “.

هو.. مرة أخرى يقول لها: طالبا منها أن تبتعد عنه.

هي لا تصدق ما تسمع.. تقول له: لا تفهم ماذا يعني..! خلصت، كان يقول لها إنه مش هيقدر يبعد عنها، كان يرجوها ألا تفارقه أوتبتعدُ عنه..

هوقائلاً لها: – كنت – لكن يبدو إنها النهايه التي أرادها بكلمة خلاص، ظل يرردها مرة وثانية ومرات عديدة ظل طيلة المكالمة يبتعد عنها بقسوة وعقلها وقلبها رافضاً تلك الطعنات المسمومة التي تتلقاها منه بلا رحمة.

أحبته من أول مرة رآته فيها منذ عامان وثمانية أشهر حباً حقيقياً صادقاً منزهاً عن أي شئ بالرغم من أن مدة اللقاء لم تتعدى سوى الساعة ونصف الساعة، وأعطاها رقم هاتفه وهذا أمر طبيعي يحدث بالطبع بحكم مهنته.

ظلت محتفظة بهذا الرقم كانت تريد من وقت لآخر أن تحادثه لتطمئن عليه وعلى أحواله، لكن كانت تمنع نفسها من ذلك فلا مجال للحديث بينهما من دون سبب.

قبل ذلك بعدة أشهركانت تعاني من آلام حادة تحدث لها من وقت لآخر، كانت بالكاد تستطيع إحتمالها إلى أن زادت عليها لدرجة تُفقِدها الوعي فكان تشخيص الطبيب أنها تحتاج إلى عملية، ومع كل هذه الآلام كانت تتمنى أن تسمع صوته ولمجرد أن يخطرُ على بالها أن تُحدِثهُ يرتجفُ قلبها وترتعش أوصالها في كل مرة تُمسِكُ بهاتفها وتنظر إلى رقمه، إلى أن جاءت اللحظة التي استجمعت فيها قواها واتصلت فرد عليها وعرفته بنفسها حيث أنها لم تكُن أعطته رقم التليفون الخاص بها ولا حتى يعرف ما اس9مها..

قالت له بعد السلام أردتُ أن استشير حضرتك في شئ ما، كانت تريد أن تبقى بمفردها بعيدة عن كل الناس لأنها كانت تتعذب من الألم الذي كان يجعلها لا تستطيع التركيز من حدته في شئ، كانت صادقة معه في كل حرف تقوله له.

وتم تحديد الميعاد التاسعة صباحاً في اليوم التالي.

لم تنسَ هذا اليوم.. يوم وُلِدتُ فيه من جديد.. يوم رأت عيناها عيناه، في تلك اللحظة لم تستطِع الحديث بكلمة واحدة كان كل شئ من حولها يعزف أُنشودة جميلة بالرغم من الصخب الذي كان يملأ الشارع من بشر ووسائل المواصلات العامة، كان ينطق لسانها ويخفق قلبها وتنظر العينين في خجل وقتها رآت جمال الدنيا وحنينها.

ثم قالت: أُرِيدُ أن أسافر إلى إحدى هاتين المحافظتين لكي استقر بها فبماذا تنصحُني – وهي التي كانت تقطنُ في حي راقٍ أرادت أن تعيش في منطقة بسيطة إلى أن تتعالج وتُشفى من الألم -.

حينما رآته شَعُرت بأنه قد طال وقتُ طويلُ جداً لم يلتقيا فيه.. إنه الحنين..!

فرد قائلاً: كيف تسكنين وحيدة في مثل هذه الأماكن البعيدة..!؟ – ربما يكون قد شَعُرَ بأنها لا تعرف شيئاً أو أنها ليست على دراية كافية بكل الشوارع والمناطق فيما عدا الحي الذي كانت تسكنه – حقاً لقد كان على صواب في هذا الشعور – واطمأنت إلى حديثه وأكلوا سوياً ساندوتشات فول وطعمية وشربوا عصيراً مذاقه دائماً تستشعره.

وفي استغراب شديد كيف استطاع اقناعِها بالتخلي عن فكرة السفر بِهذه الدرجة بالرغم من تصميمها على هذه الفكرة لكنه لم يستدعي هذا الإقتناع وقتاً طويلاً حيث كانت مؤهلة للبقاء من أجله.

تكرر اللقاء بينهما وكانت تنتظره بلهفة كأنه يوم عيد، واعترف لها بحبه وإعجابه بها، لكنها كانت تخاف من آلامها التي تهجم عليها بشكل تقريبا أصبحَ مستمِراً، واعترفت له بحقيقة الألم الذي تشعر به وأنه لابد من إجراء عملية ولكنها كانت خائفة، كان من الصعب عليها أن يراها تتعذب وترتعش ويتصصب منها عرقاً غزيراً لدرجة قد تجعل قدميها لا تقوى على حِملَها ولكنها أرادت مصارَحَته بكل شئ – ولأول مرة أمسك يدها وكان رده عليها لن أتركك سأظلُ بجانِبك، وبالفعل تم إجراء العملية ووفتها كانت تُريده معها هو فقط لا تُريدُ أحداً سِواه لا تُريدُ غيره،  لكن لم يَكُن الأمر بيدها فقد كان معها خالُها وكانت ممنوعة من الزيارة لحدوث مضاعفات حدثت لها بعد إجراء العملية واستدعت لإجراء عملية أخرى.

كانت تمتلك الإرادة حتى تقوم وتُشفى من أجل من أحبته، وبالفعل تخطت مرحلة النقاهة لتكتشف من خلال الفحوصات والتحاليل بعدها أنها قد تموت خلال مدة لا تتجاوز العام على حد قول أكثرُ من طبيب، وطلبت منهم أن لا يَعرِفُ أحداً بذلك أبداً مهما كان الأمر.

في يوم من الأيام شديدة الحرارة كانت معه وكلما اشتد بها الألم أمسك يدها محتضناً إياها بين راحتيه لِيُخففُ عنها، كانت لا تشعُر براحة إلا من خلال لمسة يده.. وقتها قالت له والدموع تتساقط ساخنة من عينيها وبقلبٍ منفطر:

وأنا صغيرة حصلت لي حادثة أخدوني ناس في عربية وأنا عائدة من المدرسة إلى المنزل، كانت وقتها في الصف الثاني الثانوي، كانت لمدة تَزيدُ عن شهرين في مكان بارد جاف قاسٍ مظلم كانت تخافُ وتضمِمُ جسدها كله كالطفل في رَحِم أمه، كانت داخِلُ حجرة في قصرٍ أو ربما بيتُ كبيرُ جداً لاتعرِفُ بالضبط تحيطُ به حديقة كانت تسمعُ أحياناً حفيفُ أشجارُها وزقزقة العصافير من بعيد، لا تدري لماذا تكون هنا بعيدة عن أمها التي ليس لها سِواها، لا تفهمُ شيئاً كل شئ يبدو أمامها مخيفاً مبهما، كان ذلك بسبب رفضها ورفض أمها قبلها الزواج من رَجُلِ ذو مكانة وحصانة رفضا قاطعاً بحكم أننها لم تُكمِل دراستها بعد، ما حدث لها جعلها حقاً تتمنى الموت.

نظر إليها وقال: أكملي سامعك.

تنهدت بحرقة تنهيدة طويلة كشفت عن نار تشتعل بداخلها..

نعم لقد كانت هادئة ولكن جريئة وخجولة في نفس الوقت، متفوقة جداً على مدار سنواتها الدراسية، تُحِبُ كل الناس كانت تراهم كلهم بلا إستثناء طيبين بالفطرة، تُحِبُ السباحة وعزف الموسيقى، إلى أن شاهدها هذا الرجل صدفة عَرِفتُ بعدَ ذلك أنه كان صديقاً لجار يسكنُ بالقربِ منها في العمارة التي تسكنُ فيها هي ووالدتها والمربية الحنونة.

كانت والدتها على خِلاف بسيط مع أهلها بحكم أنها أرادت أن تكتفي بتربيتها دون الإلتفات إلى الزواج مرة أخرى إثرَ وفاة والدها وكانتُ وقتها لم تُكمِل السادسة من عمرها والدتها كانت إمرأة مثقفة جميلة ومرغوبة، بدأ يُهددها بشدة بمكالمات تليفونية متوالية وأساليب أخرى، ولاعجب في كيفية معرفته برقم الهاتف فقد كان ذلك باليسيرعليه معرفة ما يُريده، أكمَلت ونبضاتُ قلبها تتسارع فهي لم تنسَ بعد ما حفَرَته الظروف القاسية في داخِلها وقالت: لم تَقُل وقتها شيئاً سوى دموعها التي سقطت منها.. 

 وتذكرت أنها هي وأمها كانا يحتضنان بعضهما البعض ليطمئِنان، وقالت : (يارب) ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب “.

كان لدى والِدتها قريبُ لها كان مستشاراً قانونياً كبيراً ذوعقلٍ حكيم روت له ما حدثَ.. فقال لها: وافقي على الزواج، أمها قائلة: لكنها ليست في سن الزواج وهو يَعلَمُ ذلك ومستحيل أقبل لها هذا الوضع إنني لم أقبله من قبل على نفسي فكيف أقبله عليها، ثم كيف له أن يُفكر في الزواج من فتاة صغيرة لم تُكمِلُ عامها الخامس عشر..!؟ ردَّ عليها مسرِعاً وافقي وسيُحلَّ كل شئ، أَعِدُكِ لن ينالُ منها ما دُمتُ حياً.

كانت لها أُختاً أكبَرُ منها بعدةِ سنوات قد توفت بعد ميلادها بثلاثَةِ أيام ولا تستطيع قول كلمة – للأسف – حيثُ استُخرِجَ لها شهادة ميلاد ولم يُستَخرج لها شهادة وفاة..، تبكي أمها مستنكِرة ورافضة قائلة كيف ذلك.. كيف يحدث ذلك..!؟ أكملَ حديثه قائِلاً لا تحملي هماً هتتغير الأسماء وستموت إبنتك وتحيا بدلاً منها التي ماتت إسماً على الورق، كل شئ بالورق ولن تذهب للمدرسة هذه السنه وبعدها لن تخرج أوتظهر إلا وقت الإمتحان بعد أن تُنقل إلى مدرسة بعيدة في شقة أخرى مع المربية إلى أن يقضي الله أمراً كانَ مفعولاً.

ورجعت إلى منزل أمها صامتة في حالة ذهول محطمة نفسياً، لكن كان عليها الصمود وإخفاءُ ما ألمَّ بها طيلة هذه الفترة وإن كانت آثاره واضحة جليةٌ عليها وكانت الراحة لها نوعاً من الرفاهية أمام كل ما رآته ومرَّ بها، وجَدتُ أمها طريحة الفراش لا تقوى حتى على الكلام، وقتها تمَّ تغييرُ كل شئ في سريةٍ تامة مما سببَ لها بعد ذلك أزمة بجانب حُرقتها على فقد إبنتها فالموت أهون بكثير من الإختطاف ولا تعرِفُ ماذا يحدثُ لها، ولا تستطيع تحمل نطق إسمٌ آخر سوى إسمها، وبعد أيامٍ قليلة سافرتُ للمحافظة التي وُلِدتُ بها ومكثت هناك  هي وأمها والمربية عِدة أشهر متواصِلة إلى أن تحسنت صحتها بفضل الله عز وجلَّ، وعن نفسها كانت لا تُريدُ أن تتحدث في شئ إلا للبحرتجلِسُ أمامه بالساعات وإن ضاق بها صدرها تقتربُ منه وتنزل فيه وتبكي لا تفعلُ شيئاً سوى ذلك.

وجاء الوقت الذي رَوت لها أمي ماحدث بينها وبين قريبها المستشار – وكانت تحتَرِمُ هذا الرجل فقد كان بالفعل جدير بالإحترام – وأوضحت لها ما ستؤول إليه الأمور الجديدة بعد ذلك ” اسمها وعمرها وحياتها التي لن تسيرُ بالطبع كما كانت وتفهمت الموقف لِأجل أمها التي كانت تراها كالشمس التي تغيبُ وتغرق في البحرعندَ الغُروب من شدة حسرتها عليها “.

ظلت فترة ليست بالطويلة كان عندما يناديها أحد بإسمها الجديد لا ترد إلى أن اعتادت عليه، ثم انتقَلت بعد ذلك إلى مدرسة أخرى بعيدة جداً عن منزلها بالمقارنة بقرب المدرسة التي كانت فيها وظلت تتنقلُ من مدرسة إلى مدارسُ أخرى حتى لا يُعرَفُ مكانها وكانت معها المربية ترعاها وتأتي أمها كل فترة لتراها، وبإصرارها المعتاد تفوقت كالعادة في كل مدرسة كانت تلتَحِقُ بها.

ودخلت كلية مرموقة وتفوقت، قابلتها عَثرات، أكبرها هي وجود سيارة كبيرة سوداء تشبه إلى حدٍ كبير تلك التي اختُطِفتُ فيها، وكانت تقفُ دائما بالقرب من مول تجاري كانت تعتادُ الذهابُ إليه لشراء ما تحتاجه قبل المحاضرات أو بين كل محاضرة وأخرى حسب جدول المحاضرات، لكنها كانت أتُغادِر الكلية إذا ما انتهت من محاضراتها، وأصعب العثرات وأشدها عليها وطأة هو مرض أمها الشديد الذي أفقدها النطق بعد إصابتها بجلطة في المخ عندما سُرِقت الأوراق الخاصة بها، لم تستسلم ولم تطلُب شيئاً من أحد، عَمِلت وهي طالبة كانت تدرُس وتعمل في نفس الوقت.. إلى أن ذهبت روح أمها الطاهرة إلى بارئُها وكانت وصيَتُها أن تُدفن بجوارُ زوجها وليس في مقابرعائلتها.

أصبحت وحيدة كانت معها المربية الطيبة سمراء البشرة بيضاء القلب والتي كانت قد جاءت من أقصى صعيدُ مصر تعمَلُ في بيت جدها وجدتها لأمها رحِمَهما الله.

كنت دائماً تبحث عن المتسبب في ما حدثَ وجعل أمها تَموتُ في كل دقيقة وهي مازالت حية وكرَّستُ كل جهودها طيلة سنوات عديدة لكي تنتقم ممن قتلوها ودفنوها وهي على قيد الحياة حتى تستريحُ في قبرها.

لم تكن صدفة عندما عَرِفت أن الشخص الذي كان يُريدُ الزواج بها أرادَ من قبل الزواج من أمها لِأنها حكت لها عن هذا ولكن تظاهَرتُ أن الأمر لم تكن تعرِفه من قبل..!

كانت دائماً تعتَقِدُ أننها وَرثت تلك الضغوط التي مرت بها أمها..!

لقد تعبت أوراقها لا تعرف كيف تحصلُ عليها كلما تقرب وتحسُ أنها أمسكت بالخيوط تجِدُها تتسربُ من بين يديها كالماء، هذه الأوراق لا تعني لها شيئاً هاماً يؤثرُ على حياتها لكنها تسببت في موت أمها والضغطُ بعد ذلك عليها بإختطافها لإبنتها لأنهم اكتشفوا أنها مازلتُ على قيدِ الحياة ولم تمُت كما قيل. وذلك عندما رفضت الزواج من هذا الذي يُدعى باللاإنسان.

 كانت تتلقى جلسات علاج التي بعدها لا تستطيع الحركة من شدة آثارها التي تتركها في جسدها والتي تزول تدريجيا تقريباً في غضون ثلاثةِ أيام كانت تطلب من الله الشفاء وتؤمنُ دائماً أن بفضله عزوجل سيتم شفاؤها لِأجل من تحبه، كان ردُه عليها باستمرار قاومي أنتِ قوية، – في هذه الفترة كان يتحدثُ دائماً إليها ويحاول أن يُرَوِحُ عنها ويأخُذُها أحياناً معه في بعض الأماكن يأكلون ويشربون شيئاً ما، كانت لا تقوى على الطعام ولكن كانت تفعل ذلك من أجله -.

بدأت المعاملة تتغيرعن قَصدٍ وعمد وكانت دائماً تقول لا تجرح فلن استطيع إحتمال الجرح منك.

لقد أصبحَ قاسياً يستطيع أن تمر أياماً وأسابيع دون أن يتكلم معها ردوده كانت أحياناً كثيرة تكون بالكاد لا يُريدُ أن يتحدَثُ إليها.

كانت تصمت وتكتفي بالدموع ولكنها تعاتب ترفض قسوة المعاملة، كان يبتعد ثم يرجع، وكانت تُسامح دائماً إلى أن أصبح يقسو ويبعد وهي مازالت تسأل عنه ولا تسمع منه حتى كلمة أنتِ أنها لن تهون عليه، وكان يُغلِقُ الهاتف في وجهها دائماً.

إلى أن جاءت اللحظة التي كان يُريدها منذ شهور وبعد اقتراب الليل من منتصفه، كانت تنتظره لتعرف ما الذي حدث كانت دائما تلتمسُ الأعذار وتسامح لأنها كانت تُريدُ إكمال حياتها معه ولم تنسَ لحظة أنه كان يطلبُ منها ألا تتركه وهو الذي أصبح الآن يتمنى أن تبتعد عنه.

شَعُرت أن أبسط حقوقها هي أن تعرف سبب هذا التحول التام وكانت مُخطئة عندما أرادت طلب هذا الحق منه، كان قاسياً بدرجة كبيرةٌ جداً بارعاً في كسر قلبها بكل الطرق التي كانت تُؤلِمُها.

مَرَّتُ الأسابيع وهي مازالت لا تُصدق ما قاله لها.. أن تبتعد عنه.

ومرت هذه الليلة قاسية كعامٍ حافل بالمآسي.

لم تَضعف عزيمتها ساعةٌ واحدة، أرادَ الله إنصافِها بعد العذاب، واستطاعت أن تحصل على حافِظَةُ الأوراق التي سُرِقت والتي ظلت أعواماً تبحثُ عنها، كانت تؤمن أن الشئ الذي تبحَثُ عنه يبحثُ هو أيضاً عنها.

ارتدت ثياباً لم ترتديها من قبل وذهبت إلى محل ورد وانتقت وردة وردة بنفسها كانت تريد أن تلمس الورد بيديها واختارت لون لفة بوكيه الورد واخذت تُبدي رأيها وتختارُ بسعادة شكل اللفة واكتمل البوكيه وأخذته محتضنه إياه بين ذراعيها وحافظَةُ أوراقُها معها، ولم يردُ على رسالتها التي كانت قد أرسلتها له، ولا حتى على اتصالها إلا بعد أكثرُ من ثلاثِ ساعات، لم تشعُرُ وقتها أنه كان يُريدُ الردُ عليها فهل كان يريدُ رؤيتها.. بالطبع لا..! طلبت منه أن يدعها تنتَظِرُه ولكنه رَفَضَ ورجعت بكسرة قلبها منه وقبل أن تصلُ إلى منزلها وقع الورد ووقعت هي معه كان الوردُ أمامها ولكنها ظلت ممسِكة بحافظةُ أوراقِها وأحستُ أن الورد يتحدَثُ إليها بِأن لا تحزن ثم التقطته من الأرض.

في اليوم الخامس بعدما عَثَرتُ على الأوراق تلقيت مكالمة تليفونية من خارج حدود البلاد من صديقٍ مقرب جدا لخالها أخبرها أنه بخير وأكدَ لها ذلك بما لايدعى لأي شك حيثُ ذَكَرَ السورة القرآنية التي كانت تقرَأُها في هذا اليوم المؤلم يوم وفاته والطريقةُ نفسها التي كانت تقرأُ بها وما فعلته أيضاً ولم يكن وقتها هنا وقت ما حدثَ لخالها – لصديقه – وقال لها أنه كان في مأمورية خارج البلاد وكان عليه أن يقنِع الجميع بموته لكنها كانت الوحيدة التي لم تقتنع بما حدث وظل عندها شعور أنَّ هذا ليس طبيعياً بالرغم من أنها رأت كل شئ بعينها لكن إحساسها كان يَغلبُ على ما رآته عينيها..!

  

  

                                

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى