رحاب يوسف قاصة متمردة تحمل همًا وطنيًا تناضل به لأجل قضيتها الفلسطينية

أحمد النصار | شاعر وناقد وقاص فلسطيني

 لا شك أنَّ فن القصة القصيرة هو فن يحاكي انفتاح الرؤى على مداليل إرهاصات الواقع المُعاش، حينما نسقط رمزية اللغة، ولا شك أنَّ التنسيق على مستوى الكلمة وهي البنية في التشكيل النصي، وهي أداة المبدع الرئيسة في اتصاله بالعالم الخارجي، وإنَّ اختيار الكلمة في موقعها المناسب لها خاصة وفي مكانها المناسب في السرد القصصي  تستقطب الرؤى، وتحفز المداليل، وهي من أهم المؤكدات والدلائل على قدرة القاص الفنية في تشكيل النص الجمالي.

 ومن هنا أنطلق كي أقول: إنَّ الكاتبة والقاصة رحاب يوسف في هذه المجموعة وهذه الدفقات الحسية لا تفصل الكلمات عن معانيها.

وهي تستخدم أسلوب التكامل بين الكلمة والفكرة، وما تنتج عنها من أفكار وهواجس في متخيل القارئ، فكلما كان القارئ ذا مخزون، لا أقول ثقافي، بل مخزون تجاربي يشكل مخزونه الثقافي كلما التحم وتماهى مع مناخات السرد القصصي.

 وإنَّ القاصة رحاب يوسف في مجموعتها هذه قد تمكنت من طرح أفكارها بأسلوب مشوّق وتفاعلي، يزداد به سلم التوتر كلما توغلت في رسم حدة تظافر الكلمات، وتفاعلها كي تصل إلى شكل التكامل.

وهنا لا أتكلم عن اللغة فحسب، بل على القدرة على ذلك الانحراف الأسلوبي الذي يشكل كتلة القصة وعناصرها، حتى اختيار عناوين قصصها هي تحيط بجوهر القصص الداخلية، كما في قصة مجنونة قطعة الحلوى، والشريدة، وبائعة اللبن، وضمة ميرمية، وفي شباك الحب أم في شباك الرذيلة؟ وذلك العنوان المبهم، مَن أطلق الرصاص؟ 

 لا أبالغ حين أقول: إنَّ هذه التجربة والقاصة رحاب يوسف تفتح باب الحوارات والمكاشفات الداخلية لشخوص القصص على مصراعيه، بين الأنا والآخر، إن كان على صعيد الأنساق الوصفية ذات الصبغة الشعورية والتي تبعتها من رماد تحجرها المعجمي إلى التدفق الرومنسي بإيقاع ترنيني يتجاوز الأصوات الداخلية، ونسقها الدلالي وشحنتها تنسجم بين واقع الكلمة والصوت والحدث، وما بعدها من عناصر التركيب الأفقي الذي يحاكي أعماقنا في شد حواسنا إليها. 

 حقا إنَّها مجموعة قصصية مذهلة، إذ نحن هنا أمام حالة إبداعية علينا الوقوف عليها كنقاد، كما أنَّ المبدعة رحاب يوسف هي ذاتها تقف كناقدة؛ لما يحيط بها من وجع وألم الاحتلال، والذي هو من أهم أسباب تردِّي الوضع النفسي لشخوص قصصها في بعده الإنساني والاجتماعي.

 رحاب يوسف قاصة متمردة، تحمل همًا وطنيًا تناضل به لأجل قضيتها الأم فلسطين، وهي قضية عادلة تشي وتشير إلى ذلك الظلم الذي تعرض له أبناء شعبها، أنا لا أريد أن أطيل عليك أيها القارئ العظيم، ولن أفسد عليك متعة اكتشاف ما بين السطور، أو أسرب لك مفاتيحها وأحداثها، سوف أدعك أنت وقدرتك التي أثق بها على تلمس خيوط الجمال الإبداعي لهذا البوح المشوق والجميل لقاصة قلّ نظيرها.

 رحاب يوسف، نتمنى لك مزيدًا من الإبداع والتقدم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى