أدب

أيها النيل: تحية للأمير

شعر : هلال السيابي

         كان بعض الأفاضل قد لاحظ أنني ربما أشير في قصيدتي بالأمس إلى تفضيل حافظ على شوقي، فكانت هذه القصيدة اليوم

أجر ما شئت فالقرون رواة
-أيها النيل – والليالي حداة

فتجلجل كما تشاء، فإنَّا
وتر منك مفعم ولهاة

خلدتك الأيام فينا، و دوى
بك فينا الحطيم والميقات

وترامت بنا عليك عهود
وأضاءت بنا لديك الحياة

واشرأبت منا إليك نفوس
فلأنت الساقي ونحن النبات

ما علينا أن لا نكون

على المنية أو أن تردنا الهضبات

قّمٌَة العشق أن تُحَثٌَ المطايا
لو رمتها دون المرام الرٌُماة

فإذا ماجريت في اليَبَس العاصي
فإنا لنحن فيك العصاة

فاتّْئد لحظةً، فإنا قَبيلُُ
ملأتنا من شمسك القبُلات

أو ليس “الأمير” منك تجلٌَى
زاهياً تزدهيه منك الشٌّيات

عبقريُُ لمٌَا تخنه القوافي
لحظةً ، بل تهزٌه الآيات

ما رأى النيل مثله في ذراه
ولكم أشرقت به النٌيرات

إن جرى النيل بالبدائع منه
فلكم فاض من هواه الفرات

واختلفنا فقال بعض نبي
كل ألوان شعره معجزات

فلمسنا يحيا الموات عليها
بل رأينا يحيا بها الأموات

ورأى البعض: أنه قيصر العرب
وهذي راياته الخافقات

تملأ الأرض من عمان

إلى طنجة، والكون كله إثبات

إيه شوقي فدتك نفسي جلالا
ولعمري قل الفدا والفداة

أنت والنيل توأمان ، فهلا
قلت من منكما الحيا والسقاة

إن يكن قد جرى فاروى واحيا
فلقد حي من نداك الموات

أو يكن شاهد القرون الخوالي
فله منك للورى الإثبات

أنبتت مصر معلما منك

كالأهرام جلت نعوته والصفات

واستهامت بكل حرف وإن

كان شباة فأنت عمري الشباة

فرأيناك في كبار الليالي
ملكا لا تروعه الملحمات

قلت في سيد الخلائق مالم
تستطعه الرواة والرايات

إنه الأعظم الأجل فلم لا
تتهادى بمجده البينات!!

جدد كالنجوم صغت حلاها
رفرفا مورقا فهام الهداة

ما استخفت بنا القوافي، ولكن
بهرتنا من نحوك الآيات

قيل إن الأمير قد صقلته
من ذرى “السين” تلكم الشاهقات

وتروى من مائه وتساقى
جامه، والنجوم صحب أباة

يتهادى “فولتير” عن جانبيه
و” لمولير ” فيه شم عتاة

أو لم تلمس العبير عليه
تقتنيه الفتيان والفتيات

“قصر فرساي” أو على “غاب بولون”
لديه بها هوى وتراة!

قلت كلا ،فما رأيت عليه
غير ما أنبت الهدى والهداة

لاح نور التنزيل من دفتيه
القاً أشرقت به المثلات

وتسامى محمد نور فتح
وبيان، سارت به السائرات

فإذا ما محٌَصتُموه وجدتم
أنه الشرق سحره والسمات

شرب الكأس من يد الشرق صفواً
وندامى هواه تلك الرفاة!!

آه شوقي تيمتني بقوافيك
فجل الهوى وجل الهواة

بت أصبو اليك، والعود غض
والهوى مورقُُ، وقلبي شتات

وأناديك جيئةً وذهاباً
علَْ من جانبيك تهفو الحصاة

قلت أصبو، ولم أقل أتصابى
فالتصابي مما تذم الثقاة

أنت علمتني القريض المصفى
أستقيه إذا جفاني السقاة

لا تلمني إذا عجزت عن المضمار
فالأمر ملؤه عقبات

ليس سهلا أن يبلغ الشمس كَلٌُُ
لو تسامى به الهوى والثبات!

رمقتني العيون حينا ، ولكن
أين مني الكواكب الزاهرات!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى