فزاعة في النص

زكية المرموق | شاعرة مغربية

أنا الابنة الصغرى بين إخوتي
لكن أحلامي كانت دوما أكبر
مني
حلمت مثلا أن أجوب العالم
مثل البوهيميين
لا أحمل على ظهري سوى حقيبة سفر
وابتسامة في اليد
لكن الحدود نقارة أقدام
وأحلام

حلمت أيضا
أن أصبح صحافية
تتهافت قنوات الاخبار الدولية
على مقالاتي
مثلما يتهافت الكوبوي
في وديان الكولورادو
على الذهب

لكن الحقيقة لعبة أضواء
و الأضواء تديرها الكواليس
لا الشاهد

حلمت
وحلمت
وحلمت
لكن منطق الرغيف
ولعنة ماركس
جعلنا مني معلمة
تحاول أن تلقن الطلبة
معنى الوطنية بلغة أجنبية
لذا تحول أغلبهم إلى مهاجرين سريين
بحثا عن
L’ eldorado
أو إلى فلكلور في أسواق
Barbès
أو إلى استعارات في نصوص الشعراء

تقول جدتي :
“أقرب طريق لقلب الرجل
معدته”
لهذا كان الطبخ اول درس في بيداغوجيا
الأنوثة

وكانت أيضا كلما وجدت كتابا
يأكل وجهي
نهرتني بشدة قائلة:
“الرجال يحبون المرأة التي تجيد الحديث
بجسدها
لا بصوتها
لذا كوني جميلة واصمتي”

من وقتها قصصت حقيقتي،
دلقتني على الورق،
وصرت شاعرة
تكتب بالسيف
لا بالنهد
وتنصب الفخاخ للصيادين
لا للطرائد

هذا الحزن لي
مذاقه في فمي
وفمي حقل كلما أشار إليه منجل
تحول إلى فزاعة

هذا الندب لي
يعوي كلما أخذني باص الذكريات
إلى مقبرتي

هذا النهر لي
أسمعه يذوي في دمي
فكيف لا أغرق وحجر سيلفيا بلاث
يلوح لي

هذا الأرق لي
فأنا الكأس وأنا النديم
كيف أهرب من صرختك
يافانغوغ
وأذنك لازالت طازجة
ترتعش على وسادتي

أيها الجدار
هل هناك باب خلفي للجحيم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى