هل يكره العرب مصر؟!

محمد السطوحي | نيويورك

كثير من الناس مندهشون من مشاعر الحب التى عبر عنها المعلق الإماراتى عامر عبد الله لمصر. أتصور أن هذه الدهشة جاءت من صورة سلبية ترسخت لدى الكثيرين بأن العرب عموما “يكرهون مصر” إما حقدًا عليها أو غيرة منها.
أستطيع أن أقول بثقة إن هذه الصورة خاطئة تمامًا وهى ثقة مبنية على (عِشرة) شخصية طويلة وعلاقات عمل استمرت لعقود. العرب فى الأغلب يحبون مصر ولها مكانة كبيرة فى قلوبهم رغم ما أصابها من تدهور خلال السنوات الأخيرة.
عندما بدأت العمل فى إذاعة صوت أمريكا بواشنطن فى بداية التسعينيات، لم أكن تعاملت قبلها مع أى جنسية عربية وفجأة وجدت العشرات من مختلف تلك البلاد من الخليج إلى المحيط. كنت أسمع عبارات يمكن لأى عابر سبيل أن يفسرها على أنها كراهية لمصر، لكن معرفتى عن قرب بهم جعلتنى أفهم أكثر دوافعهم الدفينة: إنه غضب المحب وسخط من خاب أمله، مع رفض مفهوم للنظر على أنهم أقل.
لكن مايخفى ذلك ويتحول إلى تفاعلات سلبية بين المصريين و “العرب” ربما يعود فى تفسيرى لسببين: الأول أنهم يتعاملون مع العرب عند ذهابهم للعمل بحثاً عن الرزق فيمرون ببعض التجارب السيئة التى تؤثر على نظرة كل طرف للآخر، مع ملاحظة أن نظرة المصريين لبعضهم البعض فى الغربة ليست أيضًا وردية.
أما السبب الثانى فهو مايستشعره كثير من العرب من مشاعر (فوقية) لدى بعض المصريين استنادًا لتاريخ بعيد أو قريب لم يعد له وجود إلا فى مخيلتنا وذكرياتنا، ويتصورون أن على العرب أن يدفعوا دينه إلى الأبد فيأتى رد الفعل منهم متحفزًا أو حتى عدوانيًا فى بعض الأحيان.
ولأننى تعاملت مع العرب المهاجرين فى أمريكا فقد تلاشت تلك العوامل السلبية وسمحوا لمشاعرهم الحقيقية تجاه مصر أن تظهر معى دون توجس أو مشاعر دونية أو فوقية، وخرجت بصداقات من بينهم تماثل أو تزيد عن صداقاتى بين المصريين.
مصر مازال لديها رصيد حقيقى لدى العرب، يعرفون أحوالها وقادتها ويحفظون أفلامها ويرددون إفيهاتها ونكتها وأغانيها، حتى فنونها المتدهورة تجد سوقًا سريعًا لديهم ويتأثرون بها، وانظروا إلى استضافة شاكوش ليغنى فى افتتاح المونديال فى قطر.
لكن ما أخشاه هو أن ذلك الرصيد يتضاءل مع الوقت وقد يضيع تمامًا بعد أن تراجعنا كثيرًا -ليس فقط ماديًا- ولكن ، وهذا هو الأهم، مع انهيار مستوى التعليم لدينا وانعكاس ذلك على الوجه الإنسانى والقوة الناعمة لمصر.
فهل نفيق؟!
مصر تستحق ماهو أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى