قراءة نقدية في مجموعة قصص للكاتب المصري محمود الديب
هدى توفيق | أديبة وناقدة مصرية
أولا – النصوص القصصية
(حين تعثر على الجمال في قلبك ستعثر عليه في كل قلب ) جلال الدين الرومي
سياج
على حياء وقف الكلب منزويًا، لكن عينه كانت لا تعرف الحياء، تراقب كل قضمه في فم ذلك الرجل الذي انقض على قطع متناثرة من الخبز وبقايا طعام وكأنها دجاجة مشوية. كاد يطير الكلب في الهواء ليقطع رقبته قبل أن يصل الطعام إلى معدته ويصبح مجرد حلم. انطلقت صرخة من الكلب مع آخر لقمة تناولها، ففطن الرجل فاستخرجها من فمه وأعطاها له. لحظات وسكنت حركة المكان لكن الريح عاثت برودة، فانتفض الرجل فاقترب الكلب منه فأحس بالدفء. ظهرت أمارات الجزع على وجه الرجل رغم أن السكينة كانت رفيقته قبل ذلك، حادث نفسه قائلاً: الآن أصبحت هناك روح تتوقف حياتها علىّ. لم أكن أحمل هم الحصول على الطعام من القمامة. غلبه النوم وما أن بدأت الحياة تدب في الشارع حتى فتح عينه ليجد قطيعًا من الكلاب في انتظاره. كان يمشى بالساعات الطوال في هذه المدينة فلا يحصل على الفتات، فالمدينة هدمتها المليشيات وسلبتها خيراتها وأمنها. وكلما تمر الأيام دون أن يجد ما يقتات عليه هو وكلابه كان يكبر الحزن والأسى داخله. لم يكن يمد يده ليستجدي فيما مضى لكن من أجل كلابه فعل. أركعته الحاجة إلى الطعام من أجل كلابه. لم يعد قلبه يتحمل لوعة آلام الجوع البادية عليهم. دب على الأرض بالساعات الطوال والأيام دون توقف عن البحث، وفي يوم مظلم سقط مغشيًا عليه مفارقًا الحياة. استغرب المارة من كسله، فقد اعتادوا أن يروه نشيطاً مع آذان الفجر، حاول البعض أن يقترب منه ليوقظه، لكن الكلاب ضربت سياجًا حوله.
مقام ملعون
لكي يصل إلى والده في زمن قياسي، كان عليه أن يعبر تلك الحارة الضيقة الملتوية، لكن الجميع كان يخاف من عبورها في الليل والنهار، منعه صوت ضربات قلبه التي وصلت إلى شعر رأسه فأوقفته من أن يجرؤ على أن يدلف بقدمه، لكن الفتي الصغير قرر أن يجتاز تلك الحارة، يريد الوصول إلى “الغيط” بأسرع وقت. حادث نفسه قائلاً: لن أنظر يميناً أو يساراً فقط سأمضي في طريقي، وعيني على ما يقف أمامي. اقتربت أنفاسه من المقام الذي يتوسط الحارة قبل أن تصل قدمه، لقد أرسل أنفاسه لاستطلاع ما يجهله فشعر بقشعريرة. تعجب من خوف أهل القرية من هذا المقام، فيما كل المقامات الأخرى يستأنس بها ويقيمون الموالد بجوارها. سمع الفتي الكثير من الحكايات عن صاحب المقام، وهو المقام الوحيد الذي لا يقام له مولد ولا يتداول أي كرامات حوله، فقط لا يتذكر عنه سوى المصائب. فبعض من أهل القرية حاولوا إزالته فلاحقتهم لعنات ظلت تتعاقب في أسرهم أجيال وراء أجيال.
حبة
ندت حبة عرق على صفحة جبينه وبدأت تنسكب في خيلاء، ومالت في طريقها لتسلم على عينه، فإذا حبات عرق تترا تريد اللحاق بها، أسرعت الخطى، تريد الاحتفاظ بريادتها كأول حبة عرق. يكاد لهيب الشمس يحولها إلى قدر يغلي، ما اضطرها للهروب من سياط الشمس بالاختباء تحت الملابس. وأبطأت من حركتها عن عمد لأنها لا تريد أن ينتهي بها المطاف لتصبح بقعة في ثوب، تريد تحقيق حلمها في أن تلقي بنفسها فوق وردة لترويها. استكشفت المكان من حولها، وعلى البعد رأت بستان ورود. حمدت الله أن جاءت إلى ذلك المكان المورق وسط صحراء نجد القاسية. تحينت الفرصة لتلقي بنفسها على بستان الزهور، لكن صاحبها انحرف عن البستان.
ثانيا- ناصية القراءة:
القصص: سياج / مقام ملعون/ حبة.
تتجسد تصوير التعبيرية في هذه القصص الثلاث بجمع واحد، ليُبدع منها الكاتب بطولاته الحياتية الذاتية وسط واقعه المأساوي. بين قصة سياج، ومقام ملعون، وحبة. حيث تزخر بحساسية المبدع التعبيرية الشديدة الرهافة، والحساسية الخلاقة لتجعل من إشارات الواقع البسيطة تصورات وتخيلات تتجاوز منطق الواقع، بتشكله المادي إلى محسوسات مجردة داخل (المتخيل السردي).(1) برؤى تخييلية منفتحة على دوائر الواقع الضيقة والمغلقة، لنتبعه في منهج محدد حتى نصل إلى ما يشغلنا من فنيات المخيال، والتخيل السردي القابع خلف اطروحاته الفنية. كما طرحها لنا أ.د عبدالله إبراهيم في كتابه (المتخيل السردي). ونحن نستعين باستخدام شمولية تقديم النماذج المقترحة من جانبه دون تقيد مباشر منا بما طرح من نماذج، لنستعلم منها عن مخرج وتطبيق مناسب لتلك القصص الثلاث دون شرط أو تحسب بالطرح الأصلي للمصادر المستخدمة في النصوص الأصلية، التي قدمها المصدر السابق كما أشرنا في سابق القول في كتاب (المتخيل السردي). قائلاً: (يجد الناقد نفسه بمواجهة مادة قصصية إبداعية ملتهبة ، تتنازعها أربع مراحل أساسية ، تدور جميعها في أفق واحد، هو الأفق التعبيري ،إذ تبدو مكونات ذلك العالم على غير ما هي عليه ، إنما تمثل عبر وعي الرواة الذين يقدمون المادة القصصية ، وذلك بأن تضفي على تلك المكونات أحاسيس وانفعالات خاصة ، تصفى ضمن وعي خاص ، وتنأى عن جذرها، أي تبتعد عن مرجعها، وتؤسس لنفسها فعلاً دلالياً خاصاً، ونصطلح هنا على تلك المراحل ، بمصطلحات تطمح لتأثير خصوصية العالم الإبداعي للقاص… ، ولا نبغي من ذلك حصر ذلك العالم ضمن أطر ثابتة ، إنما يمكن القول ، أن تقسيم عالمه إلى مراحل فرضته طبيعة عالمه الإبداعي ، ومراحل التطورالتي شهدها: 1- التعبيرية الواقعية 2- التعبيرية الرمزية 3- التعبيرية الشيئية ).(2) دون تفعيل المرحلة الرابعة داخل القراءة من المرحلة الأخيرة المذكورة في المصدر الأصلي، وهي التعبيرية التاريخية، والاكتفاء باتخاذ المراحل الثلاثة للتطبيق عل نماذج القصص الثلاث: ( سياج _ مقام ملعون_ حبة).للكاتب محمود الديب. القصة الأولى ( سياج) يستهل المؤلف قصته بمقولة شهيرة (لجلال الدين الرومي _ حين تعثر على الجمال في قلبك ستعثر عليه في كل قلب).وباستخدام ضمير الغائب تحكي القصة عن علاقة معقدة وشائكة بين رجل ضائع، ومشرد، وجائع، وبين كلبه الذي يماثله في الهيئة والتكوينات الظاهرية، والداخلية من ضياع وتشرد، وجوع، ليتحمل الفعل السردي القصصي مستويات دلالية ووظيفية في آن واحد. حيث : (ويتحول الفعل القصصي إلى وصف الشخصية والحدث بتعزيز/ أهم عنصريين فنيين في القصة القصيرة وهما: الشخصية والحدث ويولي اهتماماً استثنائياُ ) / لهما. (3) هذه الثنائية البارزة والمشتركة في القصص الثلاث أي ( الشخصية والحدث). تجسد المعول الأساسي لبؤرة التكوين القصصي بوجه عام في القصص الثلاث، وهي قائمة على محور رئيسي شيدته متاريس الواقع المر والقاسي. كما في قصة سياج التي تنفتح على تعبيرية واقعية عصيبة، وهي تصور لنا لحظات مصيرية وحاسمة في حياة هذا الرجل ورفيقه الكلب..تتناول القصة حياة رجل ما يعيش في مدينة غير مسماه، وغير محددة المكان مخربة ومهدمة. بعد أن دمرتها المليشيات الارهابية وسلبتها خيراتها وأمنها، ومن ثم أصبح هذا الرجل يتضورمن الألم والعوز والحرمان والجوع القاتل ، ويصل به أن يبحث عن أي قطع متناثرة من الخبز وبقايا الطعام من فتات ، ويراقبه كلبه المشرد مثله بالطبع، وعيناه تصرخان من الجزع والجوع الفتاك التي تصل به للشعور بالفجيعة عندما تلتقط عيناه سيده، وهو سيضع اللقمة الأخيرة في فمه (كدجاجة مشوية). كما ذكر في النص بينما هي محض لقم وبقايا طعام من الخرابات أو القمامة.فيفطن الرجل لذلك الذعر، ويخرجها من فمه ليعطيها لكلبه المسكين. لتتحول تلك اللقمة الأخيرة لفكرة حاذقة غيرت مسار حياة الرجل الضائع. الذي يتمنى الموت في كل لحظة حتى ينجومن آلام الجوع المبرحة، وتلك الحياة البائسة. والتي لا فائدة ولا قيمة لها وسط الخراب، والدمار، والحطام التام لكل شئ. فماذا يتبقى له ليبقى على قيد الحياة؟! وأي حياة وهو يستجدي أبسط حقوقه في الحياة وهوالطعام.ولا يجده ، فيحادث نفسه قائلاً : (الآن أصبحت هناك روح تتوقف حياتها عليّ. لم أكن أحمل هم الحصول على الطعام من القمامة ). ليتورط في منح نفسه هذا الدور البطولي. بأنه سوف يكافح ويحارب من أجل عيش كلبه المخلص رفيقه وأنيسه في ليالي البرد القارص، والوحدة القاتلة، والتشرد، وبذلك أصبح له هدف، وقد انتقلت العدوى إلى قطيع من الكلاب باتت في انتظاره كل يوم، لكي يحصلوا على الطعام مثل كلبه الرفيق الوفي . ويقبل التحدي رغم قسوة حقيقة الواقع الذي يواجهه، فتنبعث فيه جذوة الحياة والكفاح من أجل رفقاءه الكلاب، وهو يحاول بكل السبل أن يجد لهم وله ما يقتات عليه لسد الرمق لا أكثر، في ظل هذا القحط الكبير للمدينة بكاملها بعد حرب المليشيات اللعينة. لكنه للأسف يفشل في نهاية الأمر، ويشعر بالحزن والأسى لأنه لم يستطع رغم المقاومة وقد ظل: (والساعات الطوال والأيام دون توقف عن البحث ). لكنه ينهزم وينكسر أمام قسوة الحياة ، (حتى سقط مغشياً عليه مفارقاً الحياة).وقد استغرب أهالي المدينة كسله في الاستيقاظ مبكراً كما اعتادوا منه كل يوم نشيطاً مع آذان الفجر.لكن أصدقائه الأوفياء وعائلته الحقيقية من الكلاب قد أدركوا موته ورحيله المباغت ( وقد ضربت الكلاب سياجاً حوله ). بعد معافرة ومنازعة مع جلب قوت الحياة ( ولم يعد قلبه يتحمل لوعة آلام الجوع البادية عليهم).فرحل في يأس وقهر، وبدم بارد، وهدوء قاتل . يمثل عنوان القصة (سياج) الرمز التعبيري الواقعي القوي الدلالة، والتوظيف السردي. والذي يشمل محتوى القصة كاملاً في اسم يناوئ فداحة أثمان الحرب، والخراب، والفقر، والجوع والموت المأساوي. في اطارالحكي عن رجل ما دون تعريف، وكلب ما يماثله كاسم النكرة، ليجسد الجميع دون تحديد أو تجنيس مؤطر الهوية، والجنسية، والقومية. هذان البطلان إشارة لكل شخص وحيوان يجتر أثارالحروب اللعينة والملعونة. فالسياج الذي ضربته الكلاب حول الرجل البطل ترميز يضج بصرخة كبيرة، لهذا الحدث الجلل لهم، وهو موت عائلهم الوحيد الآت من حدث أشد ضراوة ومأساوية، وهي حرب المليشيات الضارية في هذه المدينة غيرالمعرفة بمسمى، وموقع جغرافي معين، وتلك إشارة عميقة، وفادحة المغزى، بتوظيف التعبيرية الواقعية التي تشير بشكل غير مباشر لكل مدينة عربية في الشرق الأوسط. قد تدمرت وتهدمت بسبب الحرب والإرهاب وخفافيش الظلام، علي يد هؤلاء المجرمين فيما يمكن أن نطلق عليهم أوغاد الحروب، والدمار، والتطرف، والقتل، والسلب، والنهب ، والتجويع والذي يؤدي إلى اندثار حضارات عريقة. لذا لا تحتاج المدينة لمسمى وذكر مكاني محدد لها وسط ضحايا الجغرافيا والتاريخ. لأنهم ينتمون لأي مدينة عربية تتعرض لهجمات المليشيات اللعينة. دون ذنب لهم غير أنهم يعيشون في تلك المنطقة التي تلتهب على صفيح ساخن من الصراعات والحروب. لتقوم لفظة سياج بتجسيد الواقع كرمزتعبيري واقعي.
احتوى الحدث البارز داخل القصة، وهو عن رجل ما مجهول الهوية والمقام، لتتمة الثنائية الخطابية داخل المتخيل السردي داخل مدينة ما أيضًا، لا اسم لها تصويرًا لواقع شديد البؤس، بالتعبير عن واقع معاش بمفاتيح مهمة وشديدة الوطأة، ينفتح بها السرد بآليات فنية تعزز المتخيل السردي داخل العالم القصصي، وأمام ثنائية الرجل غير المسمى، والمدينة غير المسماه، تواجهها ثنائية الرجل الضائع والكلب المشرد. أي بين الإنسان والمكان، والإنسان والحيوان . لتتكامل عناصر القصة في ثنائيات تستحضر دلالة وظيفة سردية نشطة وفعالة داخل مرحلة التعبيرية الواقعية في (المتخيل السردي). بما أنتجه السرد من رؤية تفرز وتستوضح بناء المتن الحكائي، بثنائية تستنطق مآلات الواقع التعبيري المتخم بالعجز والاحباط، والانكسار، والإنهيار التام. وسط حطام وأطلال وجوعى وموتى .أيضا جاء اختفاء الزمن والمكان في تقابل سيميائي يحسب لواقع مفرغ من وجوده الحقيقي ومأزوم. وليس لخلل قصصي بل لإتمام البنية السردية للعمل القصصي المتشرزم في الواقع الحقيقي المعاش. والمتقطع الأوصال من بداية العنوان سياج، ثم رجل وكلب ثم لا مكان مؤطر ولا زمان مؤرخ، لتتضافر كل تلك الإشكاليات الفنية من تبئيرواقع يعبر بإفاضة عن بطولاته الذاتية القائمة على الشخصية التي: ( تتميز برؤية حادة تشحذها تناقضات الواقع).(4) أدت به في نهاية الأمر إلى الموت العبثي جراء دفاعه المستميت عن كلابه في الحياة والعيش. ولو ببقايا خبز والفتات و بالتضحية بنفسه ، وكرامته في استجداء الطعام لهم يوميًا، وكان اختيار الكلاب دون الحيوانات الأخرى اختيارًا موفقًا لما تتصف به الكلاب من وفاء واخلاص، وأنها رفيق الإنسان الحنون في ليالي الوحدة، والضجر، والدفاع عنه إذا توجب الأمر لحمايته. وبهذا : ( يعطيها كيانًا بشريًا ينطوي على رمز عميق ).(5) لذا جاء ضمور المكان والزمن في الحكاية، ليطرح بناءًا إبداعيًا أثرى تأويل الخطاب القصصي. بالتعبير عن واقع بائس موجود بالفعل، ليس فقط في تلك القصة القصيرة بالذات بل هو واقع موجود في كل بقعة في كل العوالم العربية. وربما غير العربية التي تجتر آثار الحرب ومظاهرها، ونتائجها البشعة. وقد تعززت هذه الرؤية داخل المتخيل السردي الذي أشار إلى ذلك المحك المهم حين أشار قائلاً: ( أما الزمان فهو اطارغير محدد بتاريخ ، إنه الزمن الداخلي الحر الذي ينتقل بين جميع مستويات الزمن ، فيبدأ من الوهم لينتهي إليه فهو يبدأ من لحظة التخليق الخاصة حينما يقرر الراوية، أن يسوغ اسم ).(6) ليسوغ وبالتحديد في قصة سياج: قصته المعنونة اسميًا ومضمونًا بوعاء خطابي ذاتي وموضوعي في نفس الوقت، لأن السياج طال الجميع بالبؤس الواقعي لكل العوالم البشرية، والحيوانية، والنباتية دون تجنيس أو تأطير زمني أو مكاني. وتحقق ذلك من خلال تخييل سردي مفعم بواقعية تعبيرية حادة الرؤية، لكنها تمتلك شفافية عالية وقاسية، وهذا هو المناسب لواقع مزري مثل واقع سياج، الذي أتى في نهاية القصة كشكل جنائزي كتعبير من الكلاب على الحفاوة بالرجل، والحزن، والحسرة عندما مات الرجل الذي كان كل ما لهم في الحياة . بعد أن أتم مهمته التخييلية السردية في بداية ووسط القصة.
ملاحظة أخيرة في حضورإبداعي لقصة سياج. يوجد تعالق ولو ضمني إلى حد ما. بين دلالة الاستهلال، وبين التوظيف السردي داخل مقترحات المتخيل السردي، إذا ما جاز لنا هذا التأويل عن رؤى النص القصصي المفتوحة على انشغالات النص المنغلق على نفسه في بؤرة الشخصية والحدث، بينما الطرح ينسج وتيرة هائلة من التأويلات، مع ضبابية ظهورواقع زمني أو مكاني بارز في أرضية واقع المتن الحكائي. والذي به يستخدم قيمة التناص من عبارة (جلال الدين الرومي)_ ( حين تعثر على الجمال في قلبك ستعثر عليه في كل قلب). والتي تفسر آلية استخدام ثنائية التضادات بين الجمال والقبح. وانتصار الجمال مهما بلغ سوء وشكل القبح، فالجمال موجود في كل قلب حتى وسط الدمار، والفقر، والجوع لأنه ينبع من قلوب لا زالت نابضة بالمشاعر، والحب، ورغبة العطاء حتى في أشقى حالاتها الواقعية، التي فرضتها تعبيرية واقع موجع، ومخرب تمامًا بسبب المليشيات الارهابية. وذلك عندما وهب هذا الرجل المثخن بجراح الحرب حياته، لإطعام الكلاب ومحاولة البقاء على حياتهم بكل السبل والطرق.فالفقر الحقيقي هو فقر الأرواح، وليس مظاهره الشكلانية من هيئة وملابس وخلافه من أشكال المظاهر الخارجية. فالجمال الحقيقي ينبع من الداخل من داخلك أنت. وعندما تعثرعليه ستجده في كل قلب، ولو كان في وسط الخراب، والدمار، والضياع والتشرد. أي بمعنى شامل أن القبح التام الذي يواجهه الجمال بكل مقايسه واستعاراته الداخلية الصادقة والفاعلة والباقية باق وخالد. مهما تكالب عليه قبح الأشخاص، والمكان، والزمن أمام وعي عال بالمصداقية وتأمل الأمور. وتتوالى القيمة التعبيرية في قصة مقام ملعون لتندرج تحت مرحلة التعبيرية الرمزية كما أشرت في بدء القول.لنطرح سؤالاً إشكاليًا مهما عن: ( كيف تكتمل الدائرة السردية التي تبدأ وسط العزلة واليأس وتنتهي فيها؟).(7) هذا السؤال الفني في قصة مقام ملعون، التي تحكي عن فتي يحاول الوصول إلى والده في الغيط في قريته الصغيرة بأسرع وقت ، لكنه كان لا بد ( أن يعبر تلك الحارة الضيقة الملتوية، لكن الجميع كان يخاف من عبورها في الليل والنهار). لأنه كان عليه أن يمر على هذا المقام الملعون الذي يُحكى ويقال أن لعنته أوغرت قلوب الجميع من أهالي القرية بالخوف والرهبة والخشية، حتى من مجرد المرور بجانبه : ( وهو المقام الوحيد الذي لا يقام له مولد ولا يتداول أي كرامات حوله ، فقط لا يتذكر عنه سوى المصائب ). ورغم إصرار الفتى محادثًا نفسه قائلاً : ( لن أنظر يمينًا أو يسارًا فقط سأمضي في طريقي ، وعيني على ما يقف أمامي ). إلا أن شعور قوي بالقشعريرة والوجل يأتيه كلما اقتربت أنفاسه من المقام الذي يتوسط الحارة. قبل أن تصل قدمه ليتذكر تلك اللعنه الذي تصاحبه ، وخاصة أنه حاول الكثير من قبل إزالته لكن ( لاحقتهم لعنات ظلت تتعاقب في أسرهم أجيال وراء أجيال). من عنوان القصة تبدأ تيمة التعبيرية الرمزية الذي يوحي بسرد يفصح عن لعنة ما. توجد في قرية ما غير مسماه أيضًا. كسابق العهد في القصة السابقة عن عدم ذكر أسماء أي كائن حي أو شئ مادي . وبدون تاريخ أو جغرافيا محددة. غير أن الحكاية تقص لنا عن وجود مقام ملعون في بقعة جغرافية ما، وفي زمن ما احتوتهما المتخيل السردي للقصة. ومن عنوان القصة مقام ملعون تبدأ تيمة الواقعية الرمزية الذي يُوحي بسرد معبر عن مكان ما يوجد في قرية، وهو مقام ملعون. وفي وقت ما يتضمنه المتخيل السردي على لسان فتى صغير يحاول الوصول إلى والده في الغيط في أسرع وقت. ليقدم إجابة غير شافية داخل الدائرة السردية المنغلقة. وعن كيف تكتمل الدائرة السردية التي تبدأ وسط فتى منعزل حائر يشعر بالخوف، واليأس بمفرده، ويحاول عدم الاستسلام من أجل تحقيق مراده الطبعي، والمنطقي في دوران السرد التخييلي .. فقط وجوب الوصول إلى والده سريعًا لكنه: ( أسير صوت داخلي يستنفر فيه عمل المخيلة، ويفرض عليه.) _ ( ويلجأ أحيانًا أيضًا إلى “اختلاق” حالات خاصة به),في (محاولة يائسة للهرب من الواقعي وتوغلاً أبديًا في المتخيل ومن هنا يلجأ إلى نسج حكاياته الخاصة ).(8) ومن ثم ( فيتحول الافتراض السردي إلى حقيقة سردية ).(9) بمعنى أن القصة تفترض افتراضًا سرديًا أنه يوجد مقام ملعون يحاط بالحجب والأسرار ، التي جعلت منه مقام مخيف يثيرالرهبة، والقشعريرة، ويتجاوز الأمر، بأنه يصب اللعنات لمن يحاول أن يزيله، أو حتى يتجرأ بالمرور بجانبه للامتثال أمامه، لأنه يخيف ويؤذي أي شخص مهما كان قدره، وهذا الافتراض السردي المغاير تمامًا عما هو مشاع ومعروف عن كل المقامات الأخرى، التي يستأنس بها أهل القرية، ويقيمون الموالد والاحتفالات بجوارها. ( وهو المقام الوحيد الذي لا يقام له مولد ولا يتداول أي كرامات حوله ، فقط لا يتذكر عنه سوى المصائب ) كما ذكرنا من قبل وقد ( سمع الفتى الكثير من الحكايات عن صاحب المقام). وثنائية تناوب السرد هنا تأتي بين الشخصية، والمقام الملعون الذي يحدث غرابة من نوع ما تتسم ببعض الغموض، والإبهام أن يوجد في الواقع هذا المقام الملعون غير المعتاد، والمتعارف عليه عن المقامات الأخرى المعهودة في واقعنا الحياتي، ليستخرج لنا هذا التخليق الغريب، بتعبيرية رمزية واسعة الدلالة والتوظيف في آن واحد ، فربما هذا المقام الملعون إشارة إلى حاكم ملعون ، حرب ملعونة ، فكرملعون يختبأ في جوف هذا المقام، فيمنع البشر من الحياة والانطلاق في مسارها بحرية، وعدالة، وكرامة ،وخاصة ان بطل الحدث هو فتى نقي، وبرئ السريرة، نبيل الهدف. أن يريد اللحاق بأبيه في الغيط. وحينئذ: ( وتتحول فيه الشخصية إلى عنصر مستلب إزاء عالم موحش ). (10) ( إذ يقدم الشخصية المتوحدة مع همومها حد الانكسار ، والمنطوية على أزمة روحية واجتماعية ، بسبب التباين بين ما تؤمن به وتطمح إليه وبين ما هو واقع ). (11) فالفتى يؤمن أن المقامات هي أماكن مباركة من أجل الرزق، والبركة، وجلب الخير. بينما هذا المقام لا يجلب غير المصائب ، وحتى من حاول أن ينهي اسطورته أصيب باللعنة لذاته، ومن ينتمي إليه. حيث تلاحق أسرته جيل وراء جيل، وهذه الفكرة داخل المتخيل السردي الخلاق تأتي برؤية مقهورة مماثلة لفكرة علاقة المواطن بالوطن أو الحاكم .لأن الوطن هو مسقط الرأس، والذكريات، والنشأة وتاريخ الميلاد، الذي يعيش، ويحيا فبه الشخص حياته، وحياة من ينتموا إليه، ولكن كل هذا التاريخ يتحول في ظل حاكم ملعون، أو ظروف حروب ملعونة.التي بها كينونة كل شخص، وكل شئ تتحول إلى لعنات لا تجلب إلا المصائب، والأذى والخراب الذي لا يتوقف على مصير شخص واحد، وإنما تلاحق الجميع من جيل إلى جيل. لأنها باتت لعنة، وكتلة كاملة من الشر الخبيث الذي يقع تحت طائلة المر، والعلقم في تعميق روح الاستلاب ، وضحايا جميع ذلك الوجود الملئ باللعنات، بسبب حكايات صاحب المقام المقترنة بكل الشرور، والآثام المبرحة الفعل، والمستمرة الآثر في بث الخوف والقشعريرة والارتجاف عند الاقتراب من تلك الحارة التي يقبع بها هذا المقام الملعون.
تمثل المرحلة الثالثة من التعبيرية من أبرز عناصر تكوين هذه القصص الثلاث. وصولاً إلى القصة الثالثة بعنوان (حبة) عنصر التعبيرية الشيئية. البطل هنا حبة عرق تسقط على جبين شخص ما أيضًا، دون مسمى أو تعريف، وإن اختلفت هذه القصة بتحديد المكان وهو ( صحراء نجد)، وربما هذا يؤازر شيئية التكوين القصصي. حيث أن المؤلف يحكي برهافة وحساسية عالية عن حبات العرق، والتي تشكل رؤية مختلفة عن رؤى القصتان السابقتان. وإن تشاركا الثلاث في التمكين من التعبيرعن واقعه الضيق بخطاب تعبيري متنوع بين ( التعبيرية الواقعية ، الرمزية، الشيئية ). التي جميعها تسير في مسار السرد الذاتي الواقعي، والمنغلق على ذات مأزومة داخل عوالم ضيقة ذات عناصر فنية ثنائية بين الشخصية والحدث . لذلك أي شحوب زمني أو مكاني يأتي بضرورات واستدعاءات إبداعية، ابتدعتها مكونات البناء الفني الداخلي للقصص، لتعمل في دورانها الإبداعي بين الشخصية والحدث، فأهملت الخلفية المكانية والزمانية إلى حد كبير. وهذا تأويله والحديث يشير بوجه عام عن القصص الثلاث ، التي تمثل وحدة تتجانس فيها حساسية عالية للمبدع والتعبيرعن واقعه برؤى متنوعة ، والتي تصب في رافد واحد من التشكيلات التعبيرية. وهذا يؤكد التالي : ( لقد شحبت الزمانية والمكانية ، وبدت عبارة عن حالة سرابية بتجربتها الشخصية ، وهي تتضور ألمًا منها ، دون أن تستطيع كشف حدود عالمها ، وهذه حالة مسوغة بالنسبة لشخصية ضبابية ترى ولا تفسر إلا بحدود ضيقة ، وهي تراقب انحسار دورها ، وانعدام أهميتها).(12) تبدأ قصة (حبة) باستهلال إبداعي : ( ندت حبة عرق على صفحة جبينه وبدأت تنسكب في خيلاء ، ومالت في طريقها لتسلم على عينه، فإذا حبات عرق تترا تريد اللحاق بها، أسرعت الخطى، تريد الاحتفاظ بريادتها كأول حبة عرق).
في تلك الرحلة الذاتية لتلك البطلة المكافحة، لكي تبقى، وتحيا، وتحاول الصمود والصعود (لتحقيق حلمها في أن تلقي بنفسها فوق وردة لترويها). وهي تصعد السلم من بدايته أولاً : أن ندت على صفحة جبين شخص ما ، وتحتفظ في حقها بالريادة كأول حبة عرق ندت على جبينه . ثانيًا : تحاول الهروب من سياط الشمس اللاهبة بالاختباء تحت الملابس ، حتى لا تتحول إلى مجرد بقعة في ثوب ، وتفقد فرصتها في تحقيق حلمها الكبير أن تلقي بنفسها فوق أي وردة لترويها ، ثالثًا: تعيش حالة من التلصص، وهي تستكشف المكان من حولها حتى لمحت على البعد بستان ورود . فحمدت الله على هذه المفاجأة، والصدفة السعيدة وسط صحراء نجد القاسية . رابعًا: تأهبت، واستعدت، وتهيأت لالقاء نفسها على بستان الزهور.خامسًا وأخيرًا : بنهاية باردة وحاسمة أُهدرت كل كفاح، ومجهودات هذه الحبة المائية البطلة، بأن فجأة انحرف صاحبها عن البستان. ولا ندري إلى أين ولما ؟ّ! لنعود إلى السؤال الذي نطرحه من خلال المتخيل السردي (ماذا يكشف المسار المزدوج للسرد في هذه القصة) ؟(13). لتكن الإجابة التي منها سننطلق بالإجابة بالتطبيق على نموذج قصة حبة التي تُحكى من خلال (إطار سردي واقعي مغلق / وينطوي هذا الإطار على بؤرة حكائية متخيلة تجهد بأن تتدفق وتتكون ضمن ذلك الإطار ، دون جدوى ، وتنتهي بأن تغلق هي الأخرى ).(14) ( ولذلك فإن كلا مساري السرد الواقعي والمتخيل ينتهيان إلى النقطة التي بدأ منها ، مما يمكن القول أن المسار السردي في هذه القصة هو مسار دائري مغلق لأن العالم الذي يتكون فيه نسيج القصة ضيق لا يسمح بازدهارالمتخيل).(15) وهنا في قصة حبة: السرد الواقعي الشيئي يسير في مسار مزدوج بين حبة العرق، والشخص الذي سقطت على جبينه تلك الحبة الرائدة. في أنها أول حبة ندت على جبينه ليتحول هذا الشئ إلى بطل أي حبة العرق، وتواصل صعودها السردي لمحاولة البقاء، والفوز بالحياة على وردة ترويها. فهذا مجدها ورجاءها الأخير الجديرة به، وتستحقه، وتتمرد على أن تكون بقعة في ثوب هذا الشخص النكرة غير المعرف باسم أو صفة، وتزول مع الاغتسال داخل ماكينة تنظيف الملابس، وتندثر اندثارًا مجحفًا دون أي اعتبار وقيمة لها في حياتها القصيرة. لذا فمكانها الحق والمستحق هو بستان الزهور، لكن للأسف الرجل انحرف لمكان أخر عن بستان الزهور، وحطم أحلامها وطموحها بكل برود وقسوة، وقضى عليها تمامًا ، بذلك يوضح البناء الفني للقصة أنه مسار دائري مغلق نسيجه حبة عرق تترقب الوصول إلى بستان الزهور، وتفشل في الوصول إلى ما تطمح إليه وينغلق مسار القصة بذهاب الرجل إلى مكان غير معلوم لنا، وحدث هذا بصدفة قدرية دون قصد أو تعنت من الرجل الذي لا يستوعب معاناة هذه الحبة المسكينة الطموحة، التي ندت على جبينه دون قصد في أول الأمر، وتطورت حياتها ورحلتها معه بالذات وازدهر تمردها وكفاحها، وهذا الأفول والفناء لحلمها المتعلق بوجود هذه الحبة، وبالتالي توقف نسيج المتن الحكائي عند انحراف الرجل فجأة، ولم يسمح بأي ازدهار للمتخيل السردي أن يستمر. وإن كان هذا لا يعوزه أو يحتاجه فالدائرة السردية اكتملت رؤيتها الداخلية العميقة، التي بها مكنت شيئية السرد الواقعي إلى تعبيرية شيئية يقظة، ومؤثرة داخل الوجدان القصصي، والتي بها ظهر ( أسلوب السرد الذاتي ، الذي يعتمد على راوي يقدم الأحداث برؤية ذاتية داخلية ).(16) بأن يقوم ب : ( تضخيم جزء من العالم المعاش ، وتسليط ضوء حاد عليه).(17) ورغم ضمور الحكاية المعنية في القصص الثلاث ، فإن هذا لا يقلل من تنوع الرؤى الخطابية، التي تحتوي على وفرة فنية في الرؤية الداخلية في القصص الثلاث سواء للبشر، أو الحيوانات، أوالأشياء كما توضحت في قصة سياج بتلك العلاقة الشائكة بين الرجل، والكلاب، وفي قصة مقام ملعون بين الفتى، والمقام الملعون، وفي قصة حبة بين الرجل، وحبة العرق تحت نير وعي سردي تعبيري واقعي، ورمزي، وشييء داخلهم متخيل سردي حافل بالرؤية الداخلية المتعددة الرؤى والواضحة المسار السردي الذاتي، وقد تم تفعيل الكتابة الإبداعية بمشاعر وانفعالات حية، ومتأججة تنبض بحس إنساني، ورهافة حسية مفعمة بالهموم، والتوغل في إجادة عناصر بناء فني متماسك، ورشيق الحكي. في القصص الثلاث دون استثناء واحدة عن الأخرى . فيما يمكن أن نطلق عليه: ( وهو حساسية الرؤى وانغلاقها على عالم ضيق تنطوي فيه مشكلات العالم الأوسع، أو بعبارة أخرى ، نموذج مصغر لذلك العالم).(18) لأن النظرة وتأمل العالم من مهمات المبدع، التي تؤدي به للحظات استكشاف العالم الذي حوله بنظرات مغايرة عن نظرة الإنسان العادي. الذي تسير أمورحياته دون ملاحظة أو وعي كبير، لانشغاله بالقشور، والنزعة الاستهلاكية دون نظرة الفنان والمبدع، ليؤكد المتخيل السردي ذلك بقوله: ( إن أي وصف لا يشتمل على نظرة شخصيات العمل الأدبي إلى العالم لا يمكن أن يكون تامًا . فالنظرة إلى العالم هو الشكل الأقوى للوعي).(19) مما يفسر: ( أن النظرة إلى العالم هي تجربة شخصية عميقة يعيشها الفرد ، وهي أرقى تعبير يميز ماهيته الداخلية ، وهي تعكس بذات الوقت مسائل العصر المهمة عكسًا بليغًا ).(20) فالرؤية الداخلية داخل القصص الثلاث عكست عكسًا بليغًا مشكلات عصرية نماذج: الإرهاب على يد المليشيات، والوطن الملعون بسبب وجود المقام الملعون داخل القرية؛ التي هي نموذج مصغر للمقصد الحقيقي للأمم المتناحرة ، والتي تحكمها اللعنة جراء أفعال أشخاص ملعونة. وأخيرًا حبة العرق التي تصور رحلتها المليئة بالتعب والكفاح المرير، كرحلة كل إنسان بسيط ، وأي كائن حي في هذه الحياة الشقية. فتلك النظرات الثاقبة والمتأملة للعالم بتشكيل واقعي تعبيري على لسان شخصيات أبطال القصص الثلاث براوي ضمني يبصر، ويتأمل، ويتشكك، ويقدم شكلًا قويًا، ومبدعًا للوعي بأرقى تمثيل ذهني ومتخيل سردي متوقد.
هوامش المصدر:
1ـ انظر المصدر: المتخيل السردي ( مقاربات نقدية في التناص والرؤى والدلالة). المؤلف : عبد الله إبراهيم ـ الطبعة الأولى ، حزيران1990 . الناشر : المركز الثقافي العربي . بيروت ـ لبنان.
2ـ المرجع السابق: ص 33
3ـ المرجع السابق: ص 36ـ 37
4ـ المرجع السابق: ص 66
5ـ المرجع السابق: ص67
6ـ المرجع السابق: 37
7ـ المرجع السابق: ص 52
8ـ المرجع السبق: ص 52
9ـ المرجع السابق: ص 53
10ـ المرجع السابق: ص 67
11ـ المرجع السابق: ص 67
12ـ المرجع السابق: ص 78
13ـ المرجع السابق: ص 57
14ـ المرجع السابق: ص 57
15ـ المرجع السابق: ص 57
16ـ المرجع السابق: ص64
17ـ المرجع السابق: ص 75
18ـ المرجع السابق: ص 72
19ـ المرجع السابق: ص 75 / هامش داخلي: )36) دراسات في الواقعية، لوكاش ، ص23.
20ـ المرجع السابق: ص 75ـ 76 / هامش داخلي: (37) دراسات في الواقعية، لوكاش ، ص23.