الْحُبُّ الْفَريدُ
شعر: خالد شوملي
أُريدُ الْإِقْتِرابَ وَلا أُريدُ
فَأَبْعُدُ ثُمَّ مِنْ شَوْقي أَعودُ
===
تَرُجُّ يَدايَ تِحْنانًا وَتَوْقًا
فَحَتّى الْإِبْتِعادَ فَلا أُجيدُ
===
أُفَتِّشُ في حَنايا الرّوحِ عَنْهُ
أُعيدُ الذِّكْرَياتِ وَأَسْتَعيدُ
===
يَزيدُ الشَّوْقُ في الْقَلْبِ اضْطِرامًا
فَفي النّارِ الْعَظيمَةِ لا خُمودُ
===
وَفي جَسَدي التَّرَدُّدُ وارْتِعاشٌ
عَلى وَجْهي التَّكَتُّمُ وَالشُّرودُ
===
وَعِنْدَ الْخَوْفِ تَضْطَرِبُ الْمعاني
فَلا حُلْمٌ وَلا رَأْيٌ سَديدُ
===
وَما حَوْلي ضَبابٌ وَاغْتِرابٌ
سِوى حُبّي إِلى قَمَري أَكيدُ
===
كَأَنَّكَ مُدْمِنٌ وَالْحُبُّ خَمْرٌ
يَشُدُّكَ نَحْوَهُ عَطَشٌ شَديدُ
===
رِضا الْمَحْبوبِ أَمْرٌ مُسْتَحيلٌ
فَهذا الْحُبُّ مَجْنونٌ عَنيدُ
===
أَطيرُ لَهُ فَيَسْبِقُني الْبَريدُ
فَلا تَأْتي ـ كَما أَهْوى ـ الرُّدودُ
===
أَسيرُ لَهُ وفي كَفّي وُرودُ
وَفي عَيْنَيِّ مَحْبوبي بُرودُ
===
وَكَمْ مالَ الْفُؤادُ لَهُ اشْتِياقًا
فَصَدَّ الْقَلْبَ مَحْزونًا جُمودُ
===
يَصُدُّكَ وَالْعُيونُ تَسيلُ دَمْعًا
فَلَيْسَ لَنا كَما الْعُشّاقِ عيدُ
===
بَسيطٌ أَنْتَ يا قَلْبي وَدودُ
تُصَدِّقُ ما تَجيءُ بِهِ الْوُعودُ
===
كَأَنِّيَ مَوْجَةٌ مِنْ غَيْرِ بَحْرٍ
فَلا غَرَقٌ وَلا أُفُقٌ بَعيدُ
===
وَتُثْقِلُني الْخُطى فَالرّيحُ ضِدّي
يُعيقُ لِقاءَنا حِصْنٌ وَطيدُ
===
تُصافِحُكَ الضِّفافُ وَأَنْتَ تَعْدو
كَأَنَّكَ خائِفٌ عَجِلٌ شَرودُ
===
وَزَيْفُ الْقَوْلِ لَيْسَ لَهُ امْتِدادٌ
لِأَنَّ سِوى الْحَقيقَةِ لا يَسودُ
===
وَذاكَ الْجُرْحُ تُنْسيهِ اللَّيالي
وَهذا الْحُبُّ يَذْكُرُهُ الْخُلودُ
===
إِذا الْأَعْمارُ تَقْصُرُ بِاطِّرادٍ
فَهذا الْحُبُّ يَوْمِيًّا يَزيدُ
===
سَيَبْقى حُبُّنا فينا خَفِيًّا
لِأَنَّ النّاسَ يَخْنُقُها الْجُحودُ
===
وَتَرْتَجِفُ الْأَيادي إِنْ تلاقَتْ
مَعَ الْقُبُلاتِ تَحْمَرُّ الْخُدودُ
===
كَأَنّكَ في الْمَدى طَيْرٌ طَليقٌ
تَطيرُ وَلا تُقَيِّدُكَ الْحُدودُ
===
تَزولُ حَواجِزُ الدُّنْيا وَتَفْنى
فَبِالنّيرانِ يَنْصَهِرُ الْحَديدُ
===
سَتَهْزِمُ صَخْرَها وَتَجيءُ فَيْضًا
فَنَهْرُكَ لا تُحاصِرُهُ السُّدودُ
===
يَسيرُ النَّهْرُ لا عِبْءٌ عَلَيْهِ
يُراقِبُهُ الْمُزَيَّفُ وَالْحَسودُ
===
أَميلُ مَعَ الرِّياحِ إِلى حَبيبي
وَحَيْثُ يَقودُني قَلْبي أَميدُ
===
وَيُرْجِعُني الْحَنينُ لِساعِدَيْهِ
فَفي الْأَحْلامِ يَقْتَرِبُ الْبَعيدُ
===
يُجادِلُني وَمَنْطِقُهُ غَريبٌ
أُغازِلُهُ فَيَنْكَسِرُ الْجَليدُ
===
على إيقاعِهِ أَنْسابُ شِعْرًا
لِهذا النَّبْضِ يَنْساقُ الْقَصيدُ
===
تَمَرَّدْ وَانْطَلِقْ حُرًّا أَبِيًّا
فَتَتْبَعْكَ الْبَلابِلُ وَالنَّشيدُ
===
تَدَفَّقْ داخِلي بِدَمٍ جَديدٍ
لِتُكْمِلَني فَيَنْتَعَشَ الْوَريدُ
===
وَكُنْ كَالْماءِ في نَهْري نَقِيًّا
وَعِشْ بي أَيُّها الْحُبُّ الْفَريدُ
===
يَليقُ بِكَ الدَّلالُ فَكُنْ رَشيقًا
تَراقَصْ أَيُّها الْمَوْجُ السَّعيدُ
===
تَعَدَّدَتِ اللّآلِئُ في سَمائي
وَأَمّا أَنْتَ فَالْحُبُّ الْوَحيدُ