دالية إلى عُمان
هشام مصطفى| شاعر وناقد مصري
سلامٌ مِنْ بِلادِ النِّيل يشدو
بِحُبِّكِ يا عُمان زَجاهُ وُدُّ
===
وَحَرْفٌ قَدْ سَقاهُ البُعْدُ دَمْعًا
سرى وَقْدًا لِشَوْقٍ لا يُحَدُّ
===
ويأْخُذُني الحَنينُ إليْكِ دَوْمًا
وَيُسْكِرُني إذا ذِكْراكِ تَبْدو
===
وصَحْبٌ مِنْ صفاءِ الوُدِّ صُغْنا
جَميلَ الوَصْلِ لِلْأحْداثِ صَلْدُ
===
رجالٌ لا تَرى مِنْهم جفاءً
يُخالط وَصْلَهمْ طيبٌ وَوَرْدُ
===
فَتكْتُبُني القَصيدةُ فَوْقَ سَطْرٍ
شَجاهُ مُنىً وأحلامٌ وسُهْدُ
===
فأسْعى لِلْتي تَعْني اشْتياقي
فأنت لِلْهوى فَرْضٌ وَوِرْدُ
===
وما كانَ الهوى يسْلوكِ يوما
وما حلَّ الجفا إنْ طالَ بُعْدُ
===
فَمِثْلُكِ يا عُمانَ الخيْرِ طِبٌّ
لِمَنْ أشْقاهُ أثْقالٌ وَ وَجْدُ
===
وَتُدْهِشُكَ الإجابةُ إن سألْنا
لمَ الأمْجادُ فيها لا تُعَدُّ
===
فَشعْبٌ لم يَدَعْ لِلْمَجْدِ دربا
شِدادٌ إنْ بدا لِلْأمْرِ جِدُّ
===
تَراهُمْ كالشِّموسِ تَشِّعُ فَخْرا
وللأمْجادِ زوّادٌ وَ رِفْدُ
===
نُجومٌ في سماءِ العُرْبِ يضووا
فَقَحْطانٌ وَ عَدْنانٌ وأزْدُ
===
فإنْ جَدَّتْ خُطُوبٌ لِلْمنايا
غَدَوا كالسَّيْلِ سَهْمًا لا يُصَدُّ
===
حُصُونٌ مِنْ ذُرى العلياءِ تَزْهو
وَبُنْيانٌ مَنيعٌ لا يُهَدُّ
===
وَ عِزٌّ لْلأخوَّةِ لَيْسَ يَخْبو
فَهُمْ لِلْحَرْبِ أسيادٌ وأُسْدُ
===
وهم لِلْعَدْلِ عُنوانٌ وَ صَحْبٌ
وهم لِلْحَقِّ حُرّاسٌ وَ جُنْدُ
===
وهم في السِّلْمِ ماءٌ سلْسبيلٌ
وهمْ لِلْعِلْمِ أعلامٌ وَنِدُّ
===
فَمَنْ لِلشِعْرِ إذْ يَقْضي خَليلٌ
وَمَنْ لِلْقَوْلِ بعْدَكَ يا دُريْدُ
===
وأحْمَدُ إنْ أتى لِلْبَحْرِ ذِكْرٌ
تعالى ما جَرى جَزْرٌ وَ مَدُّ
===
وصعْصَعَة الْخَطيبٌ يَهُزُّ نَفْسًا
إذا بَذَّ المنابرَ لا يُرَدُّ
===
عَطاءٌ للْورى كالْمُزْنِ يُحْيي
وبابٌ للْمعارِفِ لا يُسَدُّ
===
ونيلٌ للْعُلومِ يَفيضُ خيْرًا
لِتاريخِ العروبةِ لا يُقَدُّ
===
خِصالٌ مِنْ رُبى الإسلامِ تَنْمو
سقاها ما انْثنى جودٌ وزُهْدُ
===
فكانوا قُدْوةً للْناسِ تَهْدي
ومِشْكاةً إلى الظَّلْماءِ وَقْدُ
===
و(هيْثَمُ ) إذْ أتاهُ الحكمُ طَوْعا
فسارَ على خُطى قابوسَ يَحْدو
===
سَليْلُ العِزِّ مِنْ نَبْتٍ كَريمٍ
كَقابوسِ الهُدى لِلْحَقِّ حَدُّ
===
لسلْسالٍ بَنَوا لِلْمَجْدِ بَيْتًا
فَمِنْ بَعْضٍ إلى بَعْضٍ يُمَدُّ
===
وديْدَنُ مِنْ قَديمٍ لاجْتهادٍ
مثالٌ يُحْتَذى جَدٌّ فَجَدُّ
===
علا حتَّى تَغَنَّى فيه دَهْرٌ
وأنْشَدَ فِعْلَهُ جَمْعٌ وفَرْدُ
===
تَخالُ عُمانَ مِنْ عَدْلٍ ورُشْدٍ
سناً فكأنّهُ لِلْحُكْمِ مَهْدُ
===
تعالى جِدُّهُ دُنيا ودِينًا
فأصْبَغَ خُطْوَهُ فَخْرٌ ومَجْدُ
===
فكمْ فاضتْ يداهُ بِكلِّ خيرٍ
رؤىً في قادمِ الأيامِ سَعْدُ
===
عُمانُ وأنتِ نَبْضُ القَلْبِ يَسْري
وأنْتِ الْحُبُّ إنْ يَعْنيهِ خُلْدُ
===
يتيهُ الشِّعْرُ حيْنَ يُريدُ وَصْفًا
وَيَصْغُرُ فيْكِ شِعْري حيْنَ يَشْدو
===
وَيَعْجَزُ كُلُّ معنىً أنْ يُوفِّي
لِحُبِّكِ يا عُمانُ ولوْ يُكَدُّ
===
فَمَعْذِرَةً إذا ما هابَ حَرْفي
بِما في النَّفْسِ أوْ أضناهُ قّصْدُ