أدب

أعمدة الإنارة تتسكع بعماها فوق كباري بلهاء

بقلم: نادية محمد

حاراتنا تعوي وتكبكب بما فيها
كلما هلل الصباح علينا ببراءته المعتادة

كل العناوين بها تشير إلى إعلان
باسم (الموت الرحيم) لمن يملك يفكر
لن نحتاج لجهد لتقشير حياتك
عليك أن تختار بين أمرين أما
الانتحار برومانسية فوق ضفاف النيل
أو فوق منظر برج القاهرة الخلاب وأنت تطير
دون أجنحة لتسقط فوق رؤوس السائحين
فيلتقطون صورة سيلفي مع الفرعون الأبكم
في أحدث تقنياته بموكب الجنازات
دون أن تحاول فك سر التحنيط له
أو إصابة المتسبب بالأنتحار باللعنة القديمة
أو تكلفة عالية لتشويه روحك وشفتيك المقلوبة

كل أعمدة الإنارة تتسكع بعماها
فوق كباري بلهاء. تخرج لنا لسانها الخشن
وتكيد لنا كعاهرة مستوفية شروط العهر

إشارات المرور مجنونة
تشاكس مركبات من كوكب المريخ
بعقلها الطفولي

سيارات الإسعاف العجوز تولول
أمام الإبتسامات النائمة فوق الرصيف
في الليلة الأخيرة

بطاقات الهوية للسكان المحليين تأخذ
نفس بصمة القبر الواحد
مدينتنا ذات المآذن المسكوتة تصنع لك
معجزة حديثة
لتابوت من لحمك الفقير بدقائق

لن تبكي لتستريح فلا وقت لدينا للدموع
أو لتوديع بقاياك في مدافن الصدقة
قد يبتسم لك تمثال الحانوتي الوحيد بالوطن
الذي يرتدي زي الجنرال الأعور فهو يكره
مد جسور الحياة للوجوه التي فقع عيناها
بعصاه المسنونة
فلا يرون عورته
لكنه ينسى
عين التلفاز المفتوحة على مصراعيها
و العولمه المتربصه له بالمرصاد
فحاول
ألا تغضب من ضحكاته الهيسترية
أو من سخريته اللاذعة لبرودة وجهك.
وجيبك الممزق من القطط الزائعة الصيت
وعظيم صبرك الذي لن يتركك إلا حين تسير
مع نعشك تتحدث معه عن غرفة خالية
تكون على مقاس حزنك وكفنك المصقول

السائرون خلفك يتحدثون بلغة الإشارة
عند موعد تقديم الأطباق الفارغة
والصحون المشروخة وقت الجوع
عسى يضحك الرجل المدجج بالحمق
فوق الحصان بقصره العالي
تنظر لنا الجدران للسؤال عن جدوى الصمت
فندير وجوهنا
متصنعين الغباء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى