هيَ السُّويْداءُ

الشاعر رائد حسين عيد/ سوريا

مهداة إلى أهلي في السويداء في هذه الظروف الاستثنائية.

هيَ السُّويْداءُ

أمَا وقدْ عَزَّ خلطُ الزَّيتِ بالمَاءِ؛
فجَاهلٌ من رعَى عهداً لصَهْباءِ

تقولُ “أسْماءُ” قولاً، كلُّهُ كذبٌ،
والناسُ تَخلُطُ أسماءً بأسماءِ

وكمْ أتتني بعتمِ اللَّيلِ باكيةً!
لمَّا تَبدَّى لها شَكِّي وإِبطائي

تبَّتْ يداها، يدٌ بالنِّارِ تُشعِلُني،
كيما تُلوِّحَ بالُأخرى لإطفائي!

تلومُ لائمتي شكوايَ من ألمٍ،
والرُّمْحُ مُنغَرِزٌ في عُمقِ أحشَائي

أنا الغريبُ بأرضٍ لاسماءَ بها،
لا النَّاسُ ناسي، ولا الأشياءُ أشيائي

ماذا أقولُ بدهرٍ لا يوائِمني؟
فكمْ تساوَى بهِ صَحبي وأعدائي!

* * *

“يامن لنجمٍ أبِيتُ اللَّيلَ أرقَبُهُ؟”
مُستوحِدٍ، ضاربٍ بالأفْقِ، لألاءِ

وفي سُويداءِ قلبي ألفُ زَوبَعةٍ
طارتْ بروحي إلى قلبِ السُّويداءِ

فلي هناكَ، من الغزلانِ، في “مَلَحٍ”
جآذِرٌ بِيضُ، تعدو حولَ عَيْنَاءِ

يَطُفْنَ حولي كأحلامٍ ملوَّنَةٍ،
في ليلةٍ، من ليالي الحُزنِ، سَوداءِ

فأسْتَعيدُ مضائي، كلَّما اجتهدتْ
نَوائبُ الدَّهْرِ في كَبحي، وإقصائي

أنا المُدِلُّ على الجوزاءِ من “مَلَحٍ”
أُنَاهِزُ الشَّمْسَ، إنْ أطلقتُ أضوائي

أَعَدَّني زَمَني، كيما أكونَ لهُ
نِدَّاً، فجَاوزْتُ بالآلاءِ أمْدَائي

تَبِعْتُ أهلي، وكانَ الطِّيبُ لي فَرَسَاً؛
فنِلْتُ، من شرفِ الفُرسانِ، أسمائي

وكمْ تَوالتْ على أهلي الصِّعابُ، وكمْ
سَدُّوا عليها، ورَدُّوا كُلَّ لأوَاءِ؟

بِأَنْفُسٍ، إنْ سَعَتْ، فالشَّمْسُ غايَتُهَا،
وإنْ تَجوعُ، فبعضُ الخُبزِ والماءِ!

هيَ السُويداءُ أفراحٌ ملوَّنةٌ،
رغمَ الجِراحِ، ورغمَ الفقرِ والدَّاءِ

أُوْلاءِ أهلي، ولي في حُبِّهِمْ وَطنٌ،
وكلُّ أرضٍ هَبَاءٌ دونَ أُوْلاءِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى