سياسة

على هامش “الديموقراطيات” العالمية

معيقات "الديموقراطيات البيضاء" الحديثة حليفة الديكتاتوريات عبر الأزمنة

بقلم: د. ايهاب بسيسو

خلاصة قراءات عدة في حركة الشعوب عبر التاريخ تدفع أحياناً إلى بعض الاستنتاجات المربكة والمحيرة، مثال على ذلك:
عندما تكون السياسات الديكتاتورية ملائمة “للديموقراطية البيضاء” يكون الديكتاتور صديقاً وحليفاً ويتم التغاضي عن معظم الانتهاكات الانسانية التي يتسبب بها نظامه السياسي.
أما عندما تكون السياسات الديكتاتورية غير ملائمة “للديموقراطية البيضاء” يكون الديكتاتور خصماً وعدواً وطاغية يجب الإطاحة به باسم “الديموقراطية” لصالح ديكتاتور جديد محتمل أو لصالح حالة من الفوضى السياسية التي تعمل على خلخلة البنية الاجتماعية كي يتم بناء حالة الاستقرار الهش فيما بعد، تكون هذه الحالة نتاجاً تلقائياً لتراكم الضعف الناجم عن الفوضى السياسية والتي قد تتضمن أنماطاً عدة من حروب أهلية وصراعات طائفية.
لا وجود “لديموقراطية ملونة” بعيداً عن تأثير ثقافة “الديموقراطية البيضاء”، تلك التي تشكلت بُعَيد الثورات الأوروبية البعيدة والحروب الأوروبية الطويلة والتي تطورت على مدى قرون من استعمار وهيمنة لتصبح مع الوقت مزيجاً من شركات عملاقة وناقلات نفط ومبان ضخمة على ضفاف أنهار وبحيرات اصطناعية، ترسم سياسات اقتصادية وعسكرية طويلة الأمل عابرة للحدود الدولية، مستندة في جزء من تشكلها الحثيث إلى قوة تأثير الصورة عبر الوقت، سواء كانت الصورة الإعلامية أم المتخيلة عبر الفنون المتعددة.
بهذا يصبح مصطلح “الديموقراطية” حسب التعريف الأبيض المعاصر فضفاضاً بشكل سوريالي لدرجة يمكن فيها استخدامه دون حرج من قبل ديكتاتوريات مختلفة كأداة من أدوات القمع والسيطرة المجتمعية، القمع باسم الديموقراطية.
“الديموقراطية البيضاء” ديكتاتورية مقنعة، أو بمعنى آخر “الديموقراطية البيضاء” حليفة استراتيجية للديكتاتوريات الصريحة والديكتاتوريات المغلفة بملامح مدنية، تبدو مهذبة في الأزمات المحلية أو الاقليمية أو الدولية …
أما هؤلاء الذين يحاولون فهم حركة العالم القديم والحديث يقعون أحياناً في فخ الصورة المصنعة خصيصاً عبر وسائط الإعلام لاستعياب مختلف أشكال الغضب والاحتقان، كي تواصل الحياة جريانها ضمن مفهوم الخلاص أو التكيف المرحلي.
ملاحظة هامة: رغم كل ما سبق، ما زالت معارك الشعوب من أجل الانتصار للديموقراطية الحقيقية حق رغم كل معيقات “الديموقراطيات البيضاء” الحديثة حليفة الديكتاتوريات عبر الأزمنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى