العرب وأزمة القمح العالميّة

جميل السلحوت | كاتب وأديب مقدسيّ
منذ اندلاع الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة في 24 شباط -فبراير-الماضي، ووسائل الإعلام العالميّة تتحدّث عن مجاعة محتملة قد تعيشها بعض الشّعوب، بسبب وقف تصدير القمح الأوكراني، والذي يقدّر مخزونه المعدّ للتّصدير بخمسة وسبعين مليون طنّ، ورغم التّطبيل الإعلاميّ الزّائف الذي تقوده أمريكا وحلفاؤها لشيطنة الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين، إلّا أنّ أزمة القمح العالميّة لا تخلو من الصّحّة، وما يهمّنا هنا هو “رغيف الخبز العربيّ”، فهل العرب يحتاجون لاستيراد الحبوب؟ وهل الأرض العربيّة قاحلة لا تصلح للزّراعة؟ أم أنّ القحط في سياسة الحكومات العربيّة، وفي الجهل الذي يجري ترسيخه بين الشّعوب العربيّة؟
ولو عدنا إلى الإحصائيّات فإنّ ما يُزرع من الأراضي العربيّة يشكّل نسبة ضئيلة من الأراضي الصّالحة للزّراعة لا تصل إلى 5%، وذلك لأسباب شتّى، أولها عدم دعم الحكومات للمزارعين، خصوصا في البلدان التي تعاني من شحّ المياه، وتعتمد الزّراعة فيها على مياه الأمطار غير المنتظمة. ومنها هجرة الأيدي العاملة في الزّراعة من الرّيف إلى المدن، ومنها عدم وجود مخطّطات وسياسات حكوميّة لاستغلال الأراضي الزّراعيّة، ولحماية المنتج الزّراعي الوطني من المنافسة، وغير ذلك من سياسات يخطّط لها أعداء الأمّة وينفّذها كنوز الأعداء الإستراتيجيّة؛ لتبقى الشّعوب مهدّدة حتى برغيف الخبز الذي تأكله، حتّى باتوا يحاربون من يخرج عن هذه السّياسة، فمثلا سوريّا وصلت إلى الإكتفاء الذّاتي في كلّ احتياحاتها، وإنتاجها من القمح يكفيها ويزيد منه للتّصدير، فشنّوا عليها حربا ظالمة منذ العام 2011 أهلكت البشر والشّجر والحجر، وبتمويل عربيّ وبدم عربيّ مسلم. وكذلك الحروب الجائرة على العراق، ليبيا، اليمن، السّودان، الجزائر، لبنان، فلسطين وغيرها.
ومن المعروف أنّ الأراضي الزّراعيّة في بلاد الشّام وحدها لو استغلّت لزراعة الحبوب”القمح، الشّعير، الذّرة، العدس، الحمّص وغيرها”، لأنتجت ما يكفي الأمّة العربية ويزيد للتّصدير.
في فلسطين مثلا لدينا نقص في الحبوب لأنّ الاحتلال يسيطر على غالبيّة الأراضي الزّراعيّة ويمنع فلاحتها، كما استطاع تحويل الأيدي العاملة الزّراعيّة من فلاحة الأرض إلى العمل الأسود في مشاريع البناء والإستيطان الاحتلالي. لكن هجرة الأيدي العاملة العربيّة من الرّيف إلى المدن لها دور كبير في إهمال فلاحة الأرض، كما أنّ الجهل وبعض العادات التي تعتبر الزّراعة عيبا” وهذا موجود في دول مثل السّودان، الصّومال، جزر القمر وغيرها، له دور كبير في عدم فلاحة الأرض. في مصر جرى تدمير الكثير من القطاع الزّراعي، بحيث صارت مصر التي كانت تصدّر السّكّر، القطن، الذّرة والأرز، مستوردا لها.
أعجبني شابّ أردنيّ غيور عندما أعلن قبل أقلّ من أسبوعين بأنّه سيزرع مئة ألف دونم بالقمح في موسم الزّراعة القادم، وفي حال تنفيذه لمخطّطه فإن سيصبح مليونيرا في عام واحد، وسيسدّ حاجة السّوق المحلي في بلاده من القمح.
وأحزنني عندما رأيت صورا لنساء أوروبّيّات حسناوات وهنّ يربّين الأغنام ويرعينها، ولم يجد ما يعلّق عليها شباب عرب سوى التّغني بجمالهنّ واشتهائهنّ جنسيّا، ولم أشاهد تعليقا لواحد منهم أنّه سيعمل مثلهنّ في بلاده.
وصدق من قال:” ويل لأمّة تأكل ممّا لا تزرع، وتلبس ممّا لا تصنع.” والحديث يطول.
7-6-2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى